لكونه ثابتا في حقّ من اطّلع عليه من باب حرمة التجرّي (١٩٢٨) ، فالمكلّف به فعلا (*) المؤاخذ على مخالفته هو الواجب والحرام الواقعيّان المنصوب عليهما طريق ، فإذا لم يكن وجوب أو تحريم فلا مؤاخذة. نعم ، لو اطّلع على ما يدلّ ظاهرا على الوجوب أو التحريم الواقعي مع كونه مخالفا للواقع بالفرض ، فالموافقة له لازمة من باب الانقياد وتركها تجرّ. وإذا لم يطّلع على ذلك ـ لتركه الفحص ـ فلا تجرّي أيضا.
وأمّا إذا كان وجوب واقعي وكان الطريق الظاهري نافيا ؛ فلأنّ المفروض عدم التمكّن من الوصول إلى الواقع ، فالمتضمّن للتكليف متعذّر الوصول إليه ، والذي يمكن الوصول إليه ناف للتكليف.
والأقوى هو الأوّل ، ويظهر وجهه بالتأمّل في الوجوه الأربعة. وحاصله : أنّ التكليف الثابت في الواقع وإن فرض تعذّر الوصول إليه تفصيلا ، إلّا أنّه لا مانع (١٩٢٩) من العقاب بعد كون المكلّف محتملا له قادرا عليه غير مطّلع على طريق شرعيّ
______________________________________________________
تحصيل الواقع فيه تفصيلا ، وإن أمكن تحصيله إجمالا بالاحتياط ، مع فرض عدم وجود طريق مجعول يمكن الوصول إليه بالفحص ، وهو كما ترى.
١٩٢٨. متعلّق بقوله «ثابتا» يعني : ثبوت التكليف بالطرق إنّما هو من باب كون حرمة مخالفته من باب حرمة التجرّي ، فلا يثبت على مخالفتها عقاب من حيث هو ، لا قبل العثور عليها ولا بعده.
١٩٢٩. مرجعه إلى دعوى وجود المقتضي ، وهي مخالفة العمل للواقع ، وعدم المانع ، وهو بتقريب ما ذكره.
فإن قلت : إنّه لا إشكال في كون العمل بالطرق الظاهريّة مانعا من ترتّب العقاب على مخالفة الواقع لو اتّفقت ، وهو لا بدّ أن يكون لوجود مصلحة في العمل بها ، وإلّا لزم تفويت مصلحة الواقع على المكلّف من دون تداركها بشيء ، وهو قبيح. وإذا عمل المكلّف على طبق البراءة من دون فحص ، وكان التكليف ثابتا في
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : الذي يكون.