بخلاف الحكم الواقعي. وهذا الجاهل وإن لم يتوجّه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهري كما في الجاهل بالموضوع ، إلّا أنّه مستغنى (*) عنه (١٩٣٨) باعتقاده لوجوب هذا الشيء عليه في الواقع. وإمّا من جهة القول بعدم تكليف الغافل بالواقع ، وكونه مؤاخذا على ترك التعلّم ، فلا يجب عليه القصر ؛ لغفلته عنه. نعم يعاقب على عدم إزالة الغفلة كما تقدّم استظهاره من صاحب المدارك ومن تبعه.
______________________________________________________
وفيه أوّلا : أنّه غير معقول ، إذ مقتضى فرض العلم أو الجهل بحكم كونهما مسبوقين به ، فكيف يكون مدار وجوده عليهما؟
وثانيا : أنّه مستلزم للتصويب الذي لا يقول به المصوّبة ، لما عرفت من استلزامه كون مدار الأحكام الواقعيّة على الاعتقاد. وأمّا عدم قول المصوّبة بذلك ، فلأنّهم إنّما يقولون بالتصويب في الموارد الخالية من النصّ ، كما في موارد القياس والمصالح المرسلة ، وقد تقدّم دلالة النصّ والإجماع على حكم ما نحن فيه. اللهمّ إلّا أن يراد من اختلاف الأحكام بالعلم والجهل تنجّز الحكم الواقعي بالعلم في حقّ العالم ، وحدوث حكم ظاهري في حقّ الجاهل على حسب اعتقاده ، كحدوث الإباحة الظاهريّة في حقّ الجاهل بالوجوب والحرمة مع بقاء الحكم الواقعي على حاله في الواقع. ولكن ينافيه ما تقدّم عند شرح قوله : «وظاهر كلامهم إرادتهم ..» ، من كون ظاهرهم إرادة عدم المعذوريّة بحسب الحكم الواقعي. ومن هنا قد حمل كلامهم في الجواهر على إرادة قضيّة الترتّب الذي نقله المصنّف رحمهالله عن كاشف الغطاء قدسسره ، كما ستقف عليه.
١٩٣٨. لأنّه إن أراد الاستغناء ما دام اعتقاد الخلاف باقيا فله وجه. وكذا إن انكشف الخلاف بعد خروج الوقت ، بناء على كون القضاء بأمر جديد. وأمّا إن انكشف الخلاف في الوقت فلا وجه له ، إذ لا بدّ حينئذ من الإعادة ، لأنّ المسافر إذا اعتقد أنّ تكليفه الإتمام وصلّى تامّة ثمّ انكشف خلافها قبل خروج الوقت ، لا يكون
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «مستغنى» ، مستثنى.