وإمّا من جهة تسليم تكليفه بالواقع ، إلّا أنّ الخطاب بالواقع ينقطع عند الغفلة ؛ لقبح خطاب العاجز. وإن كان العجز بسوء اختياره فهو معاقب حين الغفلة على ترك القصر ، لكنّه ليس مأمورا به حتّى يجتمع مع فرض وجود الأمر بالإتمام. لكن هذا كلّه (١٩٣٩) خلاف ظاهر المشهور ، حيث إنّ الظاهر منهم ـ كما تقدّم ـ بقاء التكليف بالواقع المجهول بالنسبة إلى الجاهل ؛ ولذا يبطلون صلاة الجاهل بحرمة الغصب ؛ إذ لو لا النهي حين الصلاة لم يكن وجه للبطلان.
والثاني ، منع تعلّق الأمر بالمأتيّ به والتزام أنّ غير الواجب (١٩٤٠) مسقط عن الواجب ؛ فإنّ قيام ما اعتقد وجوبه مقام الواجب الواقعي غير ممتنع. نعم ، قد يوجب إتيان (١٩٤١) غير الواجب فوات الواجب ، فيحرم بناء على دلالة الأمر بالشيء
______________________________________________________
المأتيّ به مجزيا وإن قلنا بالإجزاء في الأوامر الظاهريّة ، لعدم حدوث أمر ظاهري بسبب الاعتقاد بالمأتيّ به ، لأنّ غايته المعذوريّة في عدم الإتيان بالواقع ما دام الاعتقاد باقيا ، لا حدوث أمر من قبل الشارع بالمعتقد ، كما قرّرناه في مسألة الإجزاء ، واعترف به المصنّف رحمهالله في بعض كلماته.
١٩٣٩. لأنّ مرجع هذه الأربعة إلى عدم تعلّق التكليف بالواقع في حقّ الجاهل ، إمّا لكون التكليف الواقعي في حقّه ما اعتقده ، وإمّا لعدم تنجّز التكليف الواقعي في حقّه ، أو لارتفاع خطابه وإن كان معاقبا على مخالفة الواقع.
١٩٤٠. بأن كان المأتيّ به أمرا أجنبيّا غير مأمور به ، وكان مع ذلك مسقطا عن الواجب. وهذا الوجه قد اختاره بعض مشايخنا. وفيه ـ مضافا إلى ما أورده عليه المصنّف رحمهالله ـ أنّه مناف لقاعدة اللطف ، لأنّه إذا اعتقد المسافر كون التكليف في حقّه الإتمام ، وصلّى تامّة ثمّ انكشف خلافه قبل خروج الوقت ، فمقتضى اللطف الباعث على بعث الأنبياء وإرسال الرسل ونصب الأوصياء عليهم الصلاة والسلام وتكليف العباد بما كلّفوا به هو بقاء الأمر الواقعي ، وكون الجاهل مكلّفا بامتثاله بعد زوال جهله.
١٩٤١. فعليه لا بدّ من دعوى كون الحرام مسقطا عن الواجب.