والثالث ، بما (*) ذكره كاشف الغطاء رحمهالله (١٩٤٤) من أنّ التكليف بالإتمام مرتّب
______________________________________________________
١٩٤٤. على هذا الوجه حمل في الجواهر ما تقدّم من المرتضى رحمهالله ، قال بعد نقله : «وكأنّه يريد أنّ الجاهل هنا أيضا غير معذور بالنسبة للإثم وعدمه ، وإن كان فعله صحيحا للدليل ، إذ لا بأس بترتيب الشارع حكما على فعل أو ترك لمكلّف عاص به ، كما في مسألة الضدّ التي مبناها أنّ الشارع أراد الصلاة من المكلّف وطلبها منه بعد عصيانه بترك الأمر المضيّق الذي هو إزالة النجاسة مثلا. فهنا أيضا يأثم هذا الجاهل بترك التعلّم والتفقّه المأمور بهما كتابا وسنّة ، إلّا أنّه لو صلّى بعد عصيانه في ذلك صحّت صلاته للدليل ، فتأمّل» انتهى. وهو كما ترى بعيد عن كلام المرتضى في الغاية ، فتدبّر.
وكيف كان ، فحاصل ما ذكره كاشف الغطاء أنّ الممتنع هو الأمر بضدّين مطلقا في آن واحد ، وأمّا إن كان على وجه الترتّب فلا استحالة فيه ، بأن كان الأمر بأحدهما مرتّبا على تحقّق العصيان بمخالفة الآخر. فنقول فيما نحن فيه : إنّ التكليف أوّلا بالذات إنّما هو بالواقع ، وإذا عصى بمخالفته تحقّق الأمر بما اعتقده من وجوب الإتمام في السفر أو الجهر في موضع الإخفات أو بالعكس. ونقول أيضا في مسألة الضدّ : إنّ التكليف أوّلا وبالذات إنّما هو بإزالة النجاسة ، وإذا عصى بمخالفته تعلّق الأمر بالصلاة. وهكذا يقال في جميع موارد الأمر بالضدّين ظاهرا.
وحاصل ما أورده عليه المصنّف رحمهالله من عدم تعقّل ذلك : أنّه إذا فرض ترتّب الأمر بغير الأهمّ على مخالفة الأمر بالأهمّ فلا شكّ أنّ مخالفته لا تتحقّق بمجرّد عزمه على المخالفة ، إذ إطاعة الأوامر ومخالفتها ليستا دائرتين مدار الإرادة والعزم ، فمخالفة الأمر بالأهمّ في المضيّقين لا تتحقّق إلّا بالشروع في غير الأهمّ ، والفرض أنّ الشروع فيه على وجه الإطاعة والامتثال ـ الذي هو فرع تحقّق الأمر به ـ لا يمكن إلّا بعد تحقّق مخالفة الأمر بالأهمّ قبله ، لفرض عدم تعلّق الأمر بغير الأهمّ إلّا
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «بما» ، ما.