على معصية الشارع بترك القصر ، فقد كلّفه بالقصر والإتمام على تقدير معصيته في التكليف بالقصر. وسلك هذا الطريق في مسألة الضدّ في تصحيح فعل غير الأهمّ من الواجبين المضيّقين ، إذا ترك المكلّف الامتثال بالأهمّ. ويردّه : أنّا لا نعقل الترتّب في المقامين ، وإنّما يعقل ذلك فيما إذا حدث التكليف الثاني بعد تحقّق معصية الأوّل ، كمن عصى بترك الصلاة مع الطهارة المائيّة ، فكلّف لضيق الوقت بالترابيّة.
الثالث : أنّ وجوب الفحص إنّما هو في إجراء الأصل في الشبهة الحكميّة الناشئة من عدم النصّ أو إجمال بعض ألفاظه أو تعارض النصوص.
أمّا إجراء الأصل في الشبهة الموضوعيّة : فإن كانت الشبهة في التحريم ، فلا إشكال ولا خلاف ظاهرا في عدم وجوب الفحص. ويدلّ عليه إطلاق الأخبار مثل قوله عليهالسلام : «كلّ شىء لك حلال حتّى تعلم» ، وقوله : «حتّى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البيّنة» ، وقوله : «حتّى يجيئك شاهدان يشهدان أنّ فيه الميتة» وغير ذلك ، السالم عمّا يصلح لتقييده.
وإن كانت الشبهة وجوبيّة ، فمقتضى أدلّة البراءة حتّى العقل (١٩٤٥) كبعض
______________________________________________________
بعد تحقّق مخالفته ، فليس هنا زمان تفرض فيه مخالفة الأمر بالأهمّ حتّى يتحقّق الأمر فيه بغير الأهمّ ، ليمكن الشروع فيه على وجه الإطاعة والامتثال.
ثمّ إنّ قضيّة الترتّب لعلّه قد أخذها كاشف الغطاء من المحقّق الثاني ، وقد تبعه صاحب الفصول وأخوه صاحب الهداية ، وذيل الكلام في ذلك وسيع قد أشبعناه في مبحث الضدّ ، وقد طوينا الكشح عن إطالة الكلام فيها وما يرد عليها من وجوه الإشكال لخوف الإطالة.
١٩٤٥. لعلّ الوجه فيه : أنّ عدم حكم العقل بالبراءة قبل الفحص في الشبهات الحكميّة ، إنّما هو من جهة كون العمل بها قبل الفحص عن دليل الواقعة ، مع احتمال وجوده في الواقع وإمكان الوصول إليه بالفحص ، نوع تجرّ على مخالفة الشارع. نعم ، بعد الفحص والعجز عن الوصول إليه يحكم بعدم تنجّز التكليف بالواقع لو كان لأجل قبح التكليف بلا بيان.