أمّا عدم وجوب الزائد ؛ فللزوم الحرج وتعطيل استعلام سائر التكاليف ؛ لأنّ انتهاء الفحص في واقعة إلى حدّ يحصل العلم بعدم وجود دليل التكليف يوجب الحرمان من الاطّلاع على دليل التكليف في غيرها من الوقائع ، فيجب فيها إمّا الاحتياط وهو يؤدّي إلى العسر ، وإمّا لزوم التقليد لمن بذل جهده على وجه علم بعدم دليل التكليف فيها ، وجوازه ممنوع ؛ لأنّ هذا المجتهد المتفحّص ربما يخطّئ ذلك المجتهد في كثير من مقدّمات استنباطه للمسألة.
______________________________________________________
أحدها : وجوب الانتهاء في الفحص إلى أن يحصل العلم بعدم الدليل الناقل.
وثانيها : وجوبه إلى أن يحصل اليأس من وجدانه في الكتب المعتبرة التي بأيدينا اليوم. وهو اختيار المصنّف رحمهالله.
وثالثها : جواز الاكتفاء فيه بمطلق الظنّ بعدم الدليل الناقل.
وتنشأ من حرمة العمل بما عدا العلم. ومن أنّه إن اريد من العلم بالعدم العلم بعدمه في الواقع فهو متعذّر. وإن اريد العلم بعدمه في الكتب التي يمكن الوصول إليها فهو متعسّر وموجب لتعطيل أكثر الأحكام ، فلا بدّ من التنزّل إلى اعتبار الظنّ ، ولكنّ الظنّ إذا اختلفت مراتبه قوّة وضعفا فالعقل لا يجوّز العدول عن القوي إلى الضعيف ، كما قرّر عند تقرير دليل الانسداد. ومن أنّه إذا اكتفي في إثبات أصل الأحكام بالظنّ ففي الفحص عن أدلّتها بطريق أولى.
وفيه : أنّه إن اريد هذا على القول بمطلق الظنّ يرد عليه : أنّه لا وجه لاشتراط الفحص إلى أن يحصل الظنّ بالعدم على هذا القول ، لأنّه مع حصول الظنّ بالعدم يكون هذا الظنّ دليلا على عدم الحكم ، فلا وجه معه للاستناد إلى أصالة البراءة. اللهمّ إلّا أن يريد إفادة الفحص مع ضميمة أصالة البراءة للظنّ بالعدم ، فتأمّل.
وإن اريد على القول بالظنون الخاصّة ، يرد عليه : أنّ هذه الظنون علوم شرعيّة ، ولا يلزم من الاكتفاء بها الاكتفاء بمطلق الظنّ ، وقد عرفت الدليل على الاكتفاء بالظنّ الأقوى. مضافا إلى إمكان دعوى بناء العقلاء عليه في خصوص