تذنيب : ذكر الفاضل التوني لأصل البراءة شروطا (١٩٥٦) أخر : الأوّل : أن لا يكون إعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعيّ من جهة اخرى ، مثل أن يقال في أحد الإناءين المشتبهين : الأصل عدم وجوب الاجتناب عنه ، فإنّه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الآخر أو عدم بلوغ الملاقي للنجاسة كرّا أو عدم تقدّم الكرية ـ حيث يعلم بحدوثها ـ على ملاقاة النجاسة ؛ فإنّ إعمال الاصول يوجب الاجتناب عن الإناء الآخر أو الملاقي أو الماء.
______________________________________________________
أبواب الفقه ، بحيث لا يلزم من العمل بالاصول في الموارد الخالية منها محذور. ولا ريب أنّه إذا فرض كون اعتبار العلم بعدم الدليل في العمل بأصالة البراءة موجبا لتعطيل أحكام موارد كثيرة ، بحيث كان العمل بالاحتياط فيها موجبا للعسر ، كان العمل بالاصول في تلك الموارد مستلزما للمخالفة الكثيرة ، وإلّا لم يلزم العسر من الاحتياط فيها ، فلزوم العسر من العمل به فيها كاشف عن عدم ثبوت مقدار من الأدلّة واف بأغلب أبواب الفقه.
فالأولى في تعليل عدم وجوب تحصيل العلم بالعدم هو دعوى بناء العقلاء ـ بل استمرار سيرة العلماء ـ على كفاية الاطمئنان ، وعدم وجوب تحصيل العلم. مع أنّ العمدة في عدم جواز العمل بالبراءة قبل الفحص إمّا هو الإجماع ، أو الأخبار ، أو عدم معذوريّة المكلّف مع مخالفة العمل للواقع إذا بنى على أصالة البراءة قبل الفحص. والمتيقّن من الأوّل غير ما نحن فيه. والثاني غير منصرف إلى ما نحن فيه ، أعني : صورة الاطمئنان بعدم الدليل. والثالث غير جار فيما نحن فيه.
١٩٥٦. لا يخفى أنّ جعل ما ذكره من شروط العمل بأصل البراءة مبنيّ على عدم الفرق بينها واستصحاب العدم عندهم ، وإلّا فأصالة عدم بلوغ الماء كرّا وأصالة عدم تقدّم الكرّية من قبيل الثاني دون الأوّل ، وهو واضح. ولكن صريح صاحب الوافية عدم اختصاص ما ذكره من الشروط بأصالة البراءة ، لأنّه قال : «اعلم أنّ لجواز التمسّك بأصالة براءة الذمّة ، وأصالة العدم ، وبأصالة عدم تقدّم