أقول : توضيح الكلام (١٩٥٧) في هذا المقام أنّ إيجاب العمل بالأصل لثبوت حكم آخر إمّا بإثبات الأصل المعمول به لموضوع انيط به حكم شرعيّ ، كأن يثبت
______________________________________________________
الحادث ، شروطا» إلى آخر ما ذكره. وما نقله المصنّف رحمهالله عنه قد تبع فيه المحقّق القمّي. وستقف عند شرح ما يتعلّق بحكم المشهور بالطهارة فيما علمت الكرّية والملاقاة وشكّ في المتقدّم منهما على عبارة صاحب الوافية ، فانتظرها.
١٩٥٧. إيضاح هذا التوضيح : أنّ مرجع ما ذكره صاحب الوافية إلى اشتراط جواز العمل بأصالة البراءة بعدم معارضتها أصلا آخر من جهة اخرى ، لأنّه إذا استلزم العمل بها لإثبات حكم شرعيّ من جهة اخرى ، فأصالة عدم هذا الحكم الشرعيّ تعارضها ، وهو رحمهالله لم يفرّق بين الاصول الحاكمة والمحكوم عليها والاصول المعارضة.
والضابط في المقام : أنّ الأصلين المفروضين لا يخلوان : إمّا أن يكون الشكّ المأخوذ في كلّ منهما مسبّبا عن سبب آخر ، كالشكّ في نجاسة ماء وفي غصبيّة أرض. وإمّا أن يكون مسبّبا عن ثالث ، كما في مثال الظهر والجمعة والقصر والإتمام والإناءين المشتبهين ، لكون الشكّ في كلّ من المشتبهين في هذه الأمثلة مسبّبا عن العلم الإجمالي. وإمّا أن يكون الشكّ في أحدهما مسبّبا عن الآخر ، كالشكّ في الثوب المغسول بماء مشكوك النجاسة مع العلم بسبق طهارته. ومن هذا القبيل المثال الثاني من الأمثلة التي ذكرها الفاضل التوني ، لكون الشكّ في النجاسة مسبّبا عن الشكّ في الكرّية. وكذا في مثال الحجّ ، وكذلك الصلاة مع الشكّ في طهارة الماء ، وهكذا.
أمّا الأوّل فلا إشكال فيه ، لعدم مجال توهّم التعارض فيه أصلا. وأمّا الثاني فهو مورد تعارض الأصلين. وفي عدم جواز العمل بهما مسلكان ، وقد اختلفت فيهما كلمات المصنّف رحمهالله. أحدهما : عدم شمول أدلّة البراءة لصورة العلم الإجمالي من رأس ، كما سلكه في الشبهة المحصورة. والآخر : تساقطهما لأجل التعارض الذي