.................................................................................................
______________________________________________________
هو فرع الجريان ، وقد سلكه هنا وفي غير موضع من مباحث هذا المقصد. وهذان المسلكان إنّما هما فيما كان العمل بالأصلين مستلزما لمخالفة العلم الإجمالي بحسب العمل وإن استلزمها بحسب الالتزام ، فيعمل بكلّ منهما من دون اعتبار معارضة بينهما ، كما صرّح به في غير موضع من الكتاب ، وجعله هنا أحد الوجهين فيما دار الأمر فيه بين وجوب فعل وحرمته ، ومال إلى عدم الجواز في الجملة (*) في فروع العلم الإجمالي.
وأمّا الثالث فهو موضوع مسألة المزيل والمزال ، وقد اختلفت كلماتهم فيها ، فصريح المحقّق القمّي رحمهالله والمحكيّ عن جماعة ـ كالشيخ والمحقّق والعلّامة في بعض أقواله ، كما نقله عنهم المصنّف رحمهالله في مبحث الاستصحاب ـ اعتبار التعارض بينهما. ومختار المصنّف رحمهالله تقديم الأصل في الشكّ السببى عليه في الشكّ المسبّب ، وهو المنصور. وحينئذ يقع الإشكال في أنّهم مع هذا الاختلاف والتشاجر في تلك المسألة قد اتّفقوا في مسألة الحجّ على وجوبه بنفي الدين المشكوك فيه بأصالة البراءة ، ولم يحكموا بالتعارض بينها وبين أصالة البراءة عن وجوب الحجّ. ويمكن التوفيق بينهما بوجهين :
أحدهما : أن يكون نزاعهم في مسألة المزيل والمزال مبنيّا على اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار ، إذ يمكن أن يقال حينئذ : إنّ شمول الأخبار المذكورة بعمومها لأحد الاستصحابين ليس بأولى من شمولها للآخر. وأمّا إن قلنا باعتباره من باب بناء العقلاء ، فلا خلاف لهم في تقديم الأصل في الشكّ السببى عليه في الشكّ المسبّب ، لاستقرار بنائهم عليه ، وقد ادّعى المصنّف رحمهالله في مبحث الاستصحاب استمرار سيرة الناس عليه. ولا ريب أنّ عمدة أدلّتهم على البراءة هو العقل وبناء العقلاء. وكذا استصحاب العدم ، لكون اعتباره أيضا عندهم من باب بناء العقلاء. فلا مناص حينئذ من تقديم أصالة عدم وجوب الدين على أصالة عدم
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «أي» : تعدّد الواقعة. منه».