بالأصل براءة ذمّة الشخص الواجد لمقدار من المال واف بالحجّ من الدين ، فيصير بضميمة أصالة البراءة مستطيعا ، فيجب عليه الحجّ ؛ فإنّ الدين مانع عن الاستطاعة ، فيدفع بالأصل ، ويحكم بوجوب الحجّ بذلك المال. ومنه المثال الثاني ؛ فإنّ أصالة عدم بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا يوجب الحكم بقلّته التي انيط بها الانفعال. وإمّا لاستلزام نفي الحكم به حكما (١٩٥٨) يستلزم ـ عقلا أو شرعا (١٩٥٩) أو عادة ولو في هذه القضيّة الشخصيّة ـ ثبوت حكم تكليفي في ذلك المورد أو في مورد آخر ، كنفي وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين.
فإن كان إيجابه للحكم على الوجه الأوّل كالمثال الثاني ، فلا يكون ذلك مانعا عن جريان الأصل ؛ لجريان أدلّته من العقل والنقل من غير مانع. ومجرّد إيجابه لموضوع حكم وجودي آخر لا يكون مانعا عن جريان أدلّته ، كما لا يخفى على من تتبّع الأحكام الشرعيّة والعرفيّة.
______________________________________________________
وهي الاستطاعة في الأوّل وقلّة الملاقي في الثاني ، فإذا ثبتا بأصالة البراءة عن الدين وأصالة عدم الكرّية ترتّب عليهما حكمهما. ولا تعارضهما أصالة عدم الحكمين ، لما عرفت من أنّ المتعيّن في مثله تقديم الأصل في الشكّ السببى عليه في الشكّ المسبّب ، فلا تغفل.
١٩٥٨. لا يخفى ما في العبارة من القصور ، لعدم شمولها لصورة دوران الأمر بين حكمين في موضوع واحد كالوجوب والحرمة ، لأنّ نفي الوجوب لا يستلزم حكما ملازما لحكم تكليفي آخر ، بل نفي الوجوب بنفسه ملازم لثبوت الحرمة في هذا الموضوع ، بل في مثل الظهر والجمعة والقصر والإتمام أيضا كما لا يخفى.
نعم ، يتمّ ذلك في الإناءين المشتبهين ، بناء على كون نفي حرمة أحدهما ملازما للإباحة الملازمة لحرمة الإناء الآخر.
١٩٥٩. لا يقال : لا إشكال في إثبات اللوازم الشرعيّة بالاستصحاب كما سيجيء في محلّه ، فإذا فرض أنّ الشارع رتّب وجوب الإنفاق على الزوجة على عدم وجوب أداء الدين مثلا ، فلا ريب في أنّ استصحاب عدم وجوب أداء الدين