ثمّ إنّ مورد الشكّ في البلوغ كرّا : الماء المسبوق بعدم الكرّية ، وأمّا المسبوق بالكرّية فالشكّ في نقصانه من الكرّية والأصل هنا بقائها. ولو لم يكن مسبوقا بحال : ففي الرجوع إلى طهارة الماء (١٩٦٥) للشكّ في كون ملاقاته مؤثّرة في الانفعال ، فالشكّ في رافعيّتها للطهارة أو إلى نجاسته ؛ لأنّ الملاقاة مقتضية للنجاسة ،
______________________________________________________
١٩٦٥. مبنى الوجه الأوّل على كون القلّة شرطا في الانفعال بالملاقاة ، ومع الشكّ في كون الماء الموجود قليلا أو كثيرا يحصل الشكّ في كون الملاقاة رافعة للطهارة ، وحينئذ يرجع إلى قاعدة الطهارة أو استصحابها. والثاني على كون الملاقاة سببا للانفعال ، والكثرة مانعة ، ومع الشكّ في الكثرة يحصل الشكّ في وجود المانع ، وحينئذ يحكم بتأثير المقتضي ، لكون الشكّ في وجود المانع مع إحراز المقتضي في حكم عدمه عند العقلاء ، وإن لم يكن عدمه موردا للاستصحاب.
وهو كما ترى ، إذ الحكم بتأثير المقتضي موقوف على إحراز عدم المانع ودعوى بناء العقلاء على عدمه حينئذ في حيّز المنع. والفرض عدم كونه موردا للأصل أيضا ، لأنّه إن اريد به استصحاب عدم المانع في هذا الموجود الخارجي فهو غير مسبوق بالعدم بالفرض. وإن اريد استصحاب عدم الكرّ في هذا المكان فهو لا يثبت عدم كرّية هذا الماء ، إلّا على القول بالاصول المثبتة. ومن هنا يظهر أنّ الأظهر هو الحكم بالطهارة مطلقا ، سواء قلنا بكون القلّة شرطا أو الكثرة مانعا.
وللمصنّف رحمهالله في كتاب الطهارة كلام لا يخلو إيراده من فائدة ، قال : «ظاهر النصّ والفتوى كون الكرّية مانعة عن نجاسة الماء. أمّا النصّ فلأنّ المستفاد من الصحيح المشهور : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» أنّ الكرّية علّة لعدم التنجيس ، ولا نعني بالمانع إلّا ما يلزم من وجوده العدم.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله : «خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه» وقوله عليهالسلام في صحيحة حريز «كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضّأ واشرب» ونحو ذلك ، فهي وإن كانت ظاهرة في كون القلّة شرطا في النجاسة ، بناء على أنّ القليل