.................................................................................................
______________________________________________________
هو المخرج عن عمومه ، فلا بدّ من إحرازها في الحكم ، فإذا شكّ في كون ماء خاصّ قليلا أو كثيرا وجب الرجوع إلى تلك العمومات ، إلّا أنّه لما دلّت أخبار الكرّ ـ كما تقدّم ـ على كون الكرّية مانعة ، ونفس الملاقاة سببا ، بل هذه الأخبار بنفسها دالّة على هذا المعنى ، حيث إنّ الخارج منها هي القلّة ، وهي أمر عدمي باعتبار فصلها ، يرجع الأمر بالآخرة إلى مانعيّة الكثرة التي هي مفاد أخبار الكثرة ، فكان اللازم تقييد الماء في هذه الأخبار بالكثير ، وجعل الكثرة جزءا داخلا في موضوع الماء المحكوم بعدم الانفعال. فتلك العمومات ليس من قبيل ما كان عنوان العامّ مقتضيا للحكم ، وعنوان المخصّص مانعا.
هذا كلّه مضافا إلى ما دلّ بعمومه على انفعال الماء ، خرج منه الكرّ مثل قوله عليهالسلام : «الماء الذي يدخله الدجاجة الواطئة للعذرة أنّه لا يجوز التوضّؤ منه ، إلّا أن يكون كثيرا قدر كرّ من الماء» وقوله عليهالسلام فيما يشرب منه الكلب : «إلّا أن يكون حوضا كبيرا يستسقى منه» فإنّ ظاهرهما كون الملاقاة للنجاسة سببا لمنع الاستعمال ، والكرّية عاصمة.
ومن هنا يظهر أنّه لا بدّ من الرجوع إلى أصالة الانفعال عند الشكّ في الكرّية شطرا وشرطا ، وسيأتي ضعف ما يحتمله بعضهم في هذا المقام ، سواء شكّ في مصداق الكرّ ، كما إذا شكّ في كرّية ماء مشكوك المقدار غير مسبوق بالكرّية أم في مفهومه ، كما إذا اختلف في مقدار الكرّ أو في اعتبار اجتماعه أو استواء سطوح أجزائه ، ولم يكن هناك إطلاق في لفظ الكرّ ونحوه يرجع إليه. ووجه الرجوع إلى العموم في الأخيرين واضح ، لأنّ الشكّ في التخصيص. وكذا الوجه في الرجوع إليه مع الشكّ في المصداق إذا كان الماء مسبوقا بالقلّة ، لاستصحاب عدم الكرّية. ومثل هذا الاستصحاب وإن كان مخدوشا عند التدقيق ، لعدم إحراز الموضوع فيه ، إلّا أنّ الظاهر عرفا من أدلّة الاستصحاب شموله له.
وأمّا إذا لم يكن مسبوقا بالكرّية ، إمّا لفرض وجوده دفعة ، وإمّا للجهل بحالته