.................................................................................................
______________________________________________________
السابقة ، لترادف حالتي الكرّية والقلّة عليه ، فقد يتأمّل في الرجوع فيه إلى العمومات ، بناء على أنّ الشكّ في تحقّق ما علم خروجه ، كما في قولك : أكرم العلماء إلّا زيدا ، إذا شكّ في كون عالم زيدا أو عمرا ، ولا يلزم من الحكم بخروجه مجازا ومخالفة ظاهر محوجة إلى القرينة.
إلّا أنّ الأقوى فيه الرجوع إلى العموم ، إمّا لأنّ أصالة الكرّية وإن لم تكن جارية لعدم تحقّقها سابقا ، إلّا أنّ أصالة عدم وجود الكرّ في هذا المكان يكفي لإثبات عدم كرّية هذا الموجود ، بناء على القول بالاصول المثبتة. وإمّا لأنّ الشكّ في تحقّق مصداق المخصّص يوجب الشكّ في ثبوت حكم الخاصّ له ، والأصل عدم ثبوته له ، فإذا انتفى حكم الخاصّ ولو بالأصل ثبت حكم العامّ ، إذ يكفي في ثبوت حكم العامّ عدم العلم بثبوت حكم الخاصّ دون العكس ، فتأمّل. والفرق بين المثال وما نحن فيه : أنّ الأمر في المثال دائر بين المتباينين ، وفيما نحن فيه بين الأقلّ والأكثر ، والمتيقّن خروج المعلومات.
وإمّا لأنّ عنوان المخصّص في المقام من قبيل المانع عن الحكم الذي اقتضاه عنوان العام ، فلا يجوز رفع اليد عن المقتضي إلّا إذا علم بالمانع ، ومع الشكّ فالأصل عدم المانع ، وإن كان ذات المانع ـ كالكرّية فيما نحن فيه ـ غير مسبوق بالعدم. والفرق بين ما نحن فيه وبين المثال : أنّ عنوان المخصّص في المثال ليس من قبيل المانع ، بل هو مقسم ، فكأنّ العامّ عند المتكلّم منقسم إلى قسمين ، كلّ منهما يقتضي حكما مغايرا لما يقتضيه الآخر.
ولأجل بعض ما ذكرنا أفتى جماعة ـ كالفاضلين والشهيد ـ بنجاسة الماء المشكوك في كرّيته ، نظرا إلى أصالة عدم الكرّية الحاكمة على استصحاب طهارة الماء. ويمكن حمل كلامهم على الغالب ، وهو البلوغ تدريجا ، فلا يشمل ما لم يكن مسبوقا بالقلّة. نعم ، احتمل في موضع من المنتهى الرجوع إلى استصحاب الطهارة ، مستدلّا عليه بقاعدة اليقين والشكّ. ولعلّه لاعتضاده بقاعدة الطهارة ، وإلّا