.................................................................................................
______________________________________________________
فقاعدة اليقين جارية في الكرّية غالبا ، بل دائما كما عرفت.
وممّا ذكرنا يظهر ما في كلام بعض أنّه إذا شكّ في شمول إطلاقات الكرّ وإطلاقات القليل لبعض الأفراد ، فالأصل يقضي بالطهارة وعدم تنجّسه بالملاقاة. نعم ، لا يرفع الخبث به ، بأن يوضع فيه كما يوضع في الكرّ والجاري ، وإن كان لا يحكم عليه بالنجاسة بمثل ذلك ، بل يحكم بالطهارة ، فيؤخذ منه ماء ويرفع به الخبث على نحو القليل ، ولا مانع من رفع الحدث به ، لكونه ماء طاهرا. قال : والسرّ في ذلك أنّ احتمال الكرّية كافية في حفظ طهارته وعدم تنجّسه ، ولكن لا يكفي ذلك في الأحكام المتعلّقة بالكرّ ، كالتطهّر به من الأخباث بوضع المتنجّس في وسطه ونحو ذلك ، ثمّ جواز التطهير به على هذا النحو» انتهى.
وظاهر كلامه بقرينة ذكره في ذيل عنوان اعتبار تساوي السطوح في الكرّ أنّ مراده الشكّ في شرط اعتصام الكرّ وانفعال القليل. وهو الوجه الثالث من وجوه الشكوك الثلاثة التي ذكرناها ، وقد عرفت أنّه لا إشكال في وجوب الرجوع فيه إلى عموم الانفعال ، وكأنّه تخيّل تبعا لصاحب الحدائق أنّ كلّا من القلّة والكثرة أمران وجوديّان ، لا بدّ من الرجوع عند تردّد الماء بينهما إلى ما يقتضيه الأصل في أحكام القليل والكثير ، إلّا أنّ صاحب الحدائق رجع إلى الاحتياط ، لكونه الأصل عنده فيما لا نصّ فيه.
وأنت خبير بأنّ القليل مع أنّه أمر عدمي باعتبار فصله العدمي لم يترتّب في الأدلّة حكم عليه ، وإنّما يترتّب على ما ليس بكرّ كما يستفاد من قوله عليهالسلام : «إلّا أن يكون كثيرا قدر كرّ» وقوله : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه» الدالّ على كون السبب في عدم الانفعال الكرّية ، فمع الشكّ فيه يحكم بعدم المسبّب ، لأصالة عدم السبب. ونظير ذلك ما زعمه بعضهم في التذكية والموت من وجوب الرجوع إلى الاصول في الأحكام إذا شكّ فيهما.
وبالجملة ، فلا ينبغي الإشكال في الحكم بالنجاسة مع الشكّ في الكرّية مطلقا.