.................................................................................................
______________________________________________________
بالليل ، إنّ على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار ، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار ، إنّها رعاها بالنهار ، فما أفسدت فليس عليها ، وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس ، فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا» الحديث.
والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها هو ما ذكرناه من كون التسبيب سببا للضمان إذا كان موجد السبب مذموما شرعا أو عرفا ، لا مطلقا كما هو مقتضى التعليلات الواردة فيها والفرض في الصور الثلاث المتقدّمة هو جواز التصرّف من دون توجّه ذمّ شرعا أو عرفا إلى المالك ، فلا يتعقّبه ضمان بمجرّد إيجاد السبب. ومن هنا يظهر أنّ مقتضى التحقيق هو الحكم بالضمان في الصورة الرابعة ، لفرض حرمة التصرف فيها ، فالمالك حينئذ مذموم في إيجاد سبب تضرّر الجار. والله أعلم.
وبقي في المقام أمران :
أحدهما : أنّ جميع ما قدّمناه من جواز التصرّف والضمان وعدمهما في الصور الأربع إنّما كان فيما كان التصرّف في الملك مستلزما لتضرّر الجار. وهل يلحق به المباحات والمشتركات؟ مثل الطرق والمدارس والخان المعدّ لنزول المتردّدين ، بمعنى أنّا حيثما قلنا بجواز التصرّف وعدم الضمان في الأملاك كما في الصور الثلاث المتقدّمة ، فهل يحكم بهما هنا أيضا أو لا؟ وقد تقدّم الكلام فيه في بعض الحواشي السابقة.
وثانيهما : أنّا حيثما قلنا بالضمان في التسبيبات الشرعيّة ، فإذا تغيّر عنوان السبب ففي بقاء الضمان إشكال ، كما إذا حفر رجل بئرا في ملك غيره عدوانا ، فإنّه لو وقع فيه رجل آخر أو دابّته يضمنه. وإذا اشترى هذا الملك أو انتقل إليه إرثا ، ففي بقاء الضمان إذا وقع فيه غيره بعد الانتقال وجهان. وكذا إذا حفر بئرا في طريق المسلمين لمصلحته ، فهو ضامن لما يقع فيه. وإذا أدخل الطريق في ملكه ، بأن جعل لهم طريقا آخر من ملكه عوض الطريق الأوّل ، بناء على جوازه ، ففي بقاء الضمان أيضا وجهان ، وإن قلنا بعدم الضمان لو حفره في ملكه ابتداء ، من