.................................................................................................
______________________________________________________
الضرري فواضح ، إذ حرمة إتلاف مال الغير أو إيقاع العقد على مال الغير مع جهل المشتري أو إيقاعه على المبيع المعيب في الأمثلة المتقدّمة ، لا تدلّ على شيء من الضمان والتضمين والخيار بإحدى الدلالات ، مع منع الحرمة في الأخيرين.
وأمّا على المعنى الأوّل الراجع إلى نفي الحكم الضرري ، وكذا على الرابع الراجع إلى نفي الفعل الضرري بلا انجبار وتدارك ، فلأنّ نفي الحكم الضرري لا يقتضي إلّا دفع الضرر ، وهو لا يثبت الضمان في مسألة الإتلاف ، وتضمين المشتري للبائع في مسألة التغريم ، والخيار في بيع المعيب ، لإمكان دفعه بتدارك الضرر من بيت المال أو من جانب الله تعالى في الدنيا أو الآخرة. مضافا إلى عدم اقتضاء نفي الحكم الضرري ثبوت الخيار في الثالث ، لإمكان دفع الضرر بثبوت أرش العيب أو بطلان العقد من رأسه. وكذا نفي الفعل الضرري من دون جبران لا يثبت كون التدارك والجبران من مال الضارّ ، لإمكان جبره من بيت المال ، لكونه معدّا لمصالح المسلمين ، أو في الآخرة أو في الدنيا من جانب الله تعالى. نعم ، لو دلّ دليل على عدم التدارك من غير مال الضارّ ، كان قاعدة نفي الضرر مع هذا الدليل مثبتا للضمان ، لكنّ القاعدة لا تنهض لإثباته بنفسها كما هو المدّعى.
قلت : إنّا قد أسلفنا سابقا أنّ المتعيّن في معنى الرواية هو المعنى الأوّل ، فنقول حينئذ : إنّه إذا أتلف مال الغير ، فتدارك ضرر صاحب المال إمّا من مال المتلف ، أو المسلمين ، أو بيت المال ، أو من جانب الله تعالى في الدنيا أو الآخرة. وما عدا الأوّل باطل. أمّا الثاني فلاستلزامه لتضرّر المسلمين ، ولا تزر وازرة وزر اخرى.
وأمّا الثالث فإنّ بيت المال معدّ للمصالح العامّة للمسلمين لا لكلّ مصلحة لهم ، والضرر هنا غالبا حاصل لخصوص بعض المسلمين. نعم ، لو فرض أنّ شخصا أوصى بثلث ماله أو بشيء منه لمثل ذلك أو لمطلق مصالح المسلمين جاز جبره منه.
وأمّا الرابع ، فإنّ التدارك في الدنيا خلاف الوجدان. وأمّا في الآخرة ففيه ـ مضافا إلى أصالة عدمه ـ أنّ الظاهر بل المقطوع به أنّ المراد تداركه في الدنيا ، كيف