(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ). وقال جلّ وعلا في سورة البقرة : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ). وفي سورة الشورى : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها). ومن ذلك يظهر أيضا عدم جواز دفع الضرر في مسألة التغريم وبيع المعيب والمغبون فيه من مال المسلمين ، أو بيت المال ، أو من جانب الله تعالى في الدنيا أو الآخرة.
نعم ، بقي احتمال دفعه في مسألة البيع بإثبات الأرش ، أو فساد العقد من رأس. ويرد على الأوّل : أنّ إثبات الأرش ضرر على البائع ، لأنّه بعد انتقال الثمن إلى البائع والمثمن إلى المشتري بالعقد اللازم كما هو الفرض ، فالرجوع إلى البائع بالأرش إدخال نقص عليه. مع أنّ إثبات الأرش تدارك للضرر لا رفع له ، وقد تقدّم في بعض الامور السابقة أنّ قوله صلىاللهعليهوآله «لا ضرر ولا ضرار» وارد في مقام بيان دفع الضرر ، لا إثباته والأمر بتداركه. وعلى الثاني : أنّك قد عرفت سابقا أنّه لا بدّ في نفي الحكم الضرري من الاقتصار على ما يندفع به الضرر الحاصل من ثبوت الحكم ، ولا شكّ أنّ الضرر هنا حاصل من لزوم العقد ، فلا بدّ أن يكون المنفي لزومه مع بقاء جوازه ، لا فساده من رأس.
الأمر الرابع : أنّ ظاهر قوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» هو نفي الضرر الواقعي ، بمعنى نفي الحكم المستلزم له في الواقع ، سواء كان المكلّف عالما به أو شاكّا فيه أو معتقدا للخلاف ، فيكون عدم الضرر حينئذ من الشرائط الواقعيّة للعبادات ، نظير الطهارة بالنسبة إلى الصلاة. فإذا توضّأ مع اعتقاد عدم التضرّر باستعمال الماء ثمّ انكشف خلافه ، فلا بدّ من الحكم بالبطلان ، ولكن بناء الفقهاء في العبادات على خلافه ، حيث يعتبرون العلم بالضرر أو الظنّ به وعدمهما في الصحّة والبطلان. وعليه يكون عدم الضرر من الشرائط العلميّة دون الواقعيّة.
نعم ، قد جروا في المعاملات على مقتضى ظاهر لفظ الرواية ، ولذا حكموا بخيار الغبن والعيب بقاعدة نفي الضرر ، ولو مع اعتقاد المشتري عدمهما حين البيع