.................................................................................................
______________________________________________________
طويلا في حكم ما وقع فيه الخلاف بينهم ، وحاصله : أنّه إن أمكن تحصيل العلم بأحد الأقوال من طرق ما ذكرناه تعيّن العمل به ، وإلّا كنّا مخيّرين بين الأقوال المختلفة ، لفقد دليل التعيين.
ويقرب منه كلام الشيخ في مبحث اختلاف الأمّة على القولين فصاعدا ، حيث نقل فيه قولا بطرح القولين والرجوع إلى مقتضى الأصل ، واختار هو القول بالتخيير ، لأنّه أيضا يشمل ما نحن فيه. ولعلّ المتتبّع يجد غير ما ذكرناه أيضا ، بل ما ورد من الأخبار الدالّة على التخيير فيما تعارض فيه نصّان يشمل المقام أيضا.
وهذا غاية ما يمكن أن يقال في المقام. وهو بعد ما يخلو من نظر بل منع ، لأنّا نقول بترتّب العقاب على مخالفة الواقع المعيّن عند الله المجهول عندنا ، ولا قبح فيه أصلا بعد استقلال العقل بعدم الفرق بين العلم التفصيلي والإجمالي في صحّة تنجّز التكليف بكلّ منهما ، كما قرّره المصنّف رحمهالله في المقصد الأوّل من مقاصد الكتاب. ودعوى الفرق بين الشبهة المحصورة وما نحن فيه ممّا لا يصغى إليه ، إذ مجرّد العلم بعنوان الحكم في الاولى لا يوجب الفرق بعد العلم بوجوب أحد الأمرين فيما نحن فيه أيضا ، بحيث يقطع بعدم رضا الشارع بمخالفته أصلا ، كيف لا والمناط في حكم العقل بوجوب الاحتياط في الاولى ليس إلّا تحصيل العلم بامتثال المراد الواقعي للشارع مع العلم بنوع التكليف ، وهو حاصل فيما نحن فيه أيضا. ومجرّد العلم بعنوان الحكم في الاولى لا يصلح فارقا عند العقل.
وأمّا ما تقدّم من استفادة القول بالتخيير من إطلاق كلام السيّد والشيخ ، ففيه : أنّ هذه العناوين المستحدثة في كتب أواخر أصحابنا مطويّة في كتب المتقدّمين عليهم ، ولعلّهم غير ملتفتين إلى هذه العناوين وإلّا تعرضوا لها في كتبهم أيضا. ولعل السيّد والشيخ بعد عرض عنوان هذه المسألة ومضاهيها عليهما لا ينكران القول بوجوب الاحتياط فيهما ، لما ركز في العقول من اعتبار العلم الإجمالي كالتفصيلي. وبالجملة ، إنّ التمسّك بذيل مثل هذا الإطلاق غير مجد في