الحجب والتوسعة ونحوهما ؛ لأنّ العمل بها (١٦١٧) في كلّ من الموردين بخصوصه يوجب
______________________________________________________
المقام ، لعدم الاطمئنان به كما لا يخفى. وأمّا إطلاق أخبار التخيير فيما تعارض فيه نصّان ، ففيه : أنّا لا نمنع من القول بالتخيير فيما ثبت بالدليل ، وإنّما الكلام فيما خلا منه ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله في الجواب عمّا أورده على نفسه. هذا كلّه مع أنّ مقتضى منع ترتّب العقاب على ترك كلّ واحد من المشتبهين ، ولا على العنوان المردّد ، ولا على نفس الواقع هو جواز المخالفة القطعيّة ، والفرض في المقام الفراغ من بطلانه ، ولا معنى حينئذ لترتّب العقاب على ترك مجموع الأمرين ، لعدم خلوّه من أحد الامور المذكورة عند التأمّل.
١٦١٧. حاصله : أنّ هنا ثلاثة أفراد تشمل الأخبار المذكورة واحدا منها بمفهومها وفردين بمنطوقهما. الأوّل هو الفرد المعلوم إجمالا ، والآخران الأمران اللذان اشتبه الواجب بينهما. ففي مثل الظهر والجمعة قد علمنا بوجوب واحدة منهما في نفس الأمر ، ومقتضى قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون» و «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» هو عدم وضع هذا الفرد عنّا ، وكوننا مأخوذين به وملزمين عليه ، وعدم التوسعة علينا فيه. ومقتضى منطوقهما كون وجوب خصوص الظهر والجمعة موضوعا عنّا ، ونحن في سعة منه ، وهما غير واجبتين علينا. لكن دلالة المفهوم على عدم كون الفرد المعلوم وجوبه إجمالا موضوعا عنّا دليل علمي ، بضميمة حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة على وجوب الإتيان بكلّ من الخصوصيّتين. فالعلم بوجوب كلّ واحدة منهما لنفسه وإن كان محجوبا عنّا ، إلّا أنّ العلم بوجوب كلّ واحدة من باب المقدّمة ليس محجوبا عنّا ، ولا منافاة بينهما ، كما لا منافاة بين عدم الوجوب النفسي واقعا والوجوب الغيري كذلك في سائر المقامات. وممّا ذكرناه قد تبيّن أنّ أخبار البراءة في المقام حجّة لنا لا علينا.
هذا غاية توضيح كلامه. وهو بعد لا يخلو من نظر ، لأنّ استفادة فرد ثالث