.................................................................................................
______________________________________________________
من هذه الأخبار لا يخلو من منع ، لأنّ غاية ما يستفاد من قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون» كون العلم بالحكم الواقعي غاية للحكم بالإباحة الظاهريّة لمجهول الحكم ، فما يفيده الخبر بمفهومه هو بيان غاية الحكم المذكور فيه ، بمعنى نفيه عن الموضوع المذكور في منطوقه عند زوال وصف الجهالة عنه ، كما هو ضابط أخذ المفهوم المخالف. فالفرد المنفي عنه الحكم في طرف المفهوم هو عين الفرد الذي ترتّب عليه الحكم في طرف المنطوق ، غاية الأمر أن يكون ترتّب حكم المنطوق عليه عند وصف الجهالة ، وحكم المفهوم عند زوالها ، فالموضوع واحد وإن اختلف حكمه بحسب اختلاف حالاته.
وإن شئت تطبيقه على مثال الظهر والجمعة نقول : إنّهما غير واجبتين مع ملاحظة كون كلّ واحدة منهما مجهولة الحكم بالخصوص إلى أن يحصل العلم بوجوب إحداهما المعيّنة في الواقع ، وبعد العلم به يرتفع عنهما الحكم الظاهري الثابت لهما بوصف الجهل. فليست هنا أفراد ثلاثة حتّى يكون أحدهما موردا لحكم المفهوم ، والآخران لحكم المنطوق ، كيف لا والمعلوم الإجمالي لا يخرج من المشتبهين ، لأنّه أحدهما في الواقع. هكذا قرّر المقام بعض مشايخنا.
وفيه نظر ، لمنع كون مقصود المصنّف رحمهالله إثبات وجود فرد ثالث مغاير للمشتبهين بالذات يكون موردا لحكم المفهوم ، لوضوح أنّ مقصوده دعوى كون العلم المأخوذ غاية للحكم المذكور في هذه الأخبار أعمّ من التفصيلي والإجمالي ، ومقتضاه وقوع التعارض بين المنطوق والمفهوم ، لأنّ مقتضى الأوّل إباحة كلّ من المشتبهين إذا لوحظ بنفسه ، ومقتضى الثاني وجوب كلّ منهما من باب المقدّمة العلميّة لامتثال الواجب المعلوم إجمالا ، بل لا منافاة بينهما في الحقيقة ، لعدم تنافي إباحة الشيء من حيث كونه مجهول الحكم ووجوبه من باب المقدّمة العلميّة ، فليس في كلامه من حكاية تثليث الأفراد عين ولا أثر. ومع التسليم فلا بدّ أن يكون مراده فرض المشتبهين بوصف اشتباههما فردين ، والواحد المعيّن في الواقع