طرحها بالنسبة إلى أحدهما المعيّن عند الله المعلوم وجوبه ؛ فإنّ وجوب واحدة من الظهر والجمعة أو من القصر والإتمام ممّا لم يحجب الله علمه عنّا فليس موضوعا عنّا ولسنا في سعة منه ، فلا بدّ إمّا من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام ممّا علم وجوب شىء إجمالا ، وإمّا من الحكم بأنّ شمولها للواحد المعيّن المعلوم وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه ، دليل علمي ـ بضميمة حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة ـ على وجوب الإتيان بكلّ من الخصوصيّتين ، فالعلم بوجوب كلّ منهما لنفسه وإن كان محجوبا عنّا ، إلّا أنّ العلم بوجوبه من باب المقدّمة ليس محجوبا عنّا ، ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدّمة ، كما لا تنافي بين عدم الوجوب النفسي واقعا وثبوت الوجوب الغيري كذلك.
واعلم : أنّ المحقّق القميّ رحمهالله بعد ما حكى عن المحقّق الخوانساري الميل إلى وجوب الاحتياط في مثل الظهر والجمعة والقصر والإتمام ، قال : إنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ؛ فإنّ التكليف بالمجمل المحتمل لأفراد متعدّدة ـ بإرادة فرد معيّن عند الشارع مجهول عند المخاطب ـ مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة الذي اتّفق أهل العدل على استحالته ، وكلّ ما يدّعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه ؛ إذ غاية ما يسلّم في القصر والإتمام والظهر والجمعة وأمثالها أنّ الإجماع وقع على أنّ من ترك الأمرين بأن لا يفعل شيئا منهما يستحقّ العقاب ، لا أنّ من ترك أحدهما المعيّن عند الشارع المبهم عندنا بأن ترك فعلهما مجتمعين ، يستحقّ العقاب.
______________________________________________________
باعتبار كونه معلوما بالإجمال فردا ثالثا ، فيكون اختلافها بالاعتبار لا بالذات ، وهذا الاختلاف الاعتباري لا يضرّ في اشتراط اتّحاد موضوع حكم المنطوق والمفهوم كما لا يخفى.
نعم ، ربّما أورد على المصنّف رحمهالله أنّ ظاهر قوله : «ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ، ووجوبه ظاهرا من باب المقدّمة» إلى آخر ما ذكره كون الشيء المجهول الحكم مباحا بالذات وواجبا من باب المقدّمة العلميّة في محلّ الفرض ،