ونظير ذلك مطلق (١٦١٨) التكليف بالأحكام الشرعيّة ، سيّما في أمثال زماننا على مذهب أهل الحقّ من التخطئة ، فإنّ التحقيق أنّ الذي ثبت علينا بالدليل هو تحصيل ما يمكننا تحصيله من الأدلّة الظنّية ، لا تحصيل الحكم النفس الأمري في كلّ واقعة ؛ ولذا لم نقل بوجوب الاحتياط وترك العمل بالظنّ الاجتهادي من أوّل الأمر.
نعم ، لو فرض حصول الإجماع أو ورود النصّ على وجوب شىء معيّن عند الله تعالى
______________________________________________________
ومقتضاه فرض وجود شأني للحكم الظاهري كالواقعي ، وليس كذلك ، لكون وجودات الأحكام الظاهريّة في الواقع تابعة لوجوداتها الفعليّة ، بمعنى عدم وجود لها في الواقع إلّا في مقام في فعليّتها وتنجّزها.
وأنت خبير بأنّه يمكن أن يريد بعدم منافاة وجود الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه مقدّمة عدم وجوبه لو لم يكن مقدّمة لواجب ، لا اجتماع الإباحة الظاهريّة والوجوب الظاهري في مورد ، فتدبّر. ويمكن القول بجواز اجتماعهما في المقام ، بناء على القول بكون الأحكام الظاهريّة مجعولة ، لتغاير موضوع الإباحة والوجوب في مورد اجتماعهما كما لا يخفى.
١٦١٨. حاصله : أنّ قبح التكليف المجهول من دون بيان كما ألجأنا إلى عدم تسليم ثبوت التكليف بنفس الأمر فيما نحن فيه ، كذلك السبب والباعث لاكتفائنا بالظنّ في امتثال مطلق الأحكام ، وعدم تسليمنا لثبوت التكليف بنفس الواقع على ما هو عليه ، المقتضي لوجوب تحصيل القطع بالواقع في مقام الامتثال ، هو ذلك ، سيّما في أمثال زماننا الذي كثر فيه الاشتباه في الأحكام الواقعيّة ومتعلّقاتها. وهذا على المذهب الحقّ لأهل الحقّ من التخطئة ، إمّا لعدم تأتّي القول بقبح الخطاب بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة في الأحكام الواقعيّة على القول بالتصويب كما هو واضح ، وإمّا لأنّ أهل التصويب كلّهم أو جلّهم من الأشاعرة النافين لإدراك العقل حسن الأشياء وقبحها ، ولا وجه للاستناد إلى قبح الخطاب بالمجمل على مذهبهم في نفي تعلّق التكليف بالواقع على ما هو عليه ، فلا يرد حينئذ