مردّد عندنا بين امور من دون اشتراطه بالعلم به ـ المستلزم ذلك الفرض لإسقاط قصد التعيين في الطاعة ـ لتمّ ذلك ، ولكن لا يحسن حينئذ قوله ـ يعني المحقّق الخوانساري ـ : فلا يبعد حينئذ القول بوجوب الاحتياط ، بل لا بدّ من القول باليقين والجزم بالوجوب. ولكن ، من أين هذا الفرض؟ وأنّى يمكن إثباته؟ (١) انتهى كلامه ، رفع مقامه.
وما ذكره قدّس الله سرّه قد وافق فيه بعض كلمات ذلك المحقّق التي ذكرها في مسألة الاستنجاء بالأحجار ، حيث قال بعد كلام له : والحاصل : إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شىء معيّن معلوم عندنا أو ثبوت حكم إلى غاية معيّنة معلومة عندنا ، فلا بدّ من الحكم بلزوم تحصيل اليقين أو الظنّ بوجود ذلك الشيء المعلوم حتّى يتحقّق الامتثال.
إلى أن قال : وكذا إذا ورد نصّ أو إجماع على وجوب شىء معيّن في الواقع مردّد في نظرنا بين أمور ، ويعلم أنّ ذلك التكليف غير مشروط بشىء من العلم بذلك الشيء مثلا ، أو على ثبوت حكم إلى غاية معيّنة في الواقع مردّدة عندنا بين أشياء ويعلم ايضا عدم اشتراطه بالعلم ، وجب الحكم بوجوب تلك الأشياء المردّد فيها في نظرنا وبقاء ذلك الحكم إلى حصول تلك الأشياء. ولا يكفي الإتيان بواحد منها في سقوط التكليف ، وكذا حصول شىء واحد من الأشياء في ارتفاع الحكم المعيّن. إلى أن قال : وأمّا إذا لم يكن كذلك ، بل ورد نصّ مثلا على أنّ الواجب الشيء الفلاني ، ونصّ آخر على أنّ هذا الواجب شيء آخر ، أو ذهب بعض الامّة إلى وجوب شىء ، وبعض آخر إلى وجوب شىء آخر دونه ، وظهر بالنصّ والإجماع في الصورتين أنّ ترك ذينك الشيئين معا سبب لاستحقاق العقاب ، فحينئذ لم يظهر وجوب الإتيان بهما حتّى يتحقّق الامتثال ، بل الظاهر الاكتفاء بواحد منهما ، سواء اشتركا في أمر أو تباينا بالكلّية. وكذا الكلام في ثبوت الحكم إلى غاية معيّنة (٢) ، انتهى كلامه ، رفع مقامه.
______________________________________________________
استدراك قوله : «على مذهب أهل الحقّ ...» ، بتقريب أن يقال : إنّه لا دخل للقول بالتخطئة والتصويب في نفي تعلّق التكليف بالواقع على ما هو عليه وعدمه ، ولا يترتّب على ذلك أثر بالنسبة إلى قبح تأخير البيان ، بل المناسب لنفي التكليف