وأنت خبير بما في هذه الكلمات من النظر. أمّا ما ذكره الفاضل القميّ رحمهالله من حديث التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة ، فلا دخل له في المقام ؛ إذ لا إجمال في الخطاب (١٦١٩) أصلا ، وإنّما طرأ الاشتباه في المكلّف به من جهة تردّد ذلك الخطاب المبيّن بين أمرين ، وإزالة هذا التردّد العارض من جهة أسباب اختفاء الأحكام غير واجبة على الحكيم تعالى حتّى يقبح تأخيره عن وقت الحاجة ، بل يجب عند هذا الاختفاء الرجوع إلى ما قرّره الشارع كلّية في الوقائع المختفية ، وإلّا فما يقتضيه العقل من البراءة والاحتياط.
ونحن ندّعي أنّ العقل حاكم ـ بعد العلم بالوجوب والشكّ في الواجب ، وعدم الدليل من الشارع على الأخذ بأحد الاحتمالين المعيّن أو المخيّر والاكتفاء به
______________________________________________________
بالواقع وكفاية الظنّ في مقام الامتثال هو القول بالتخطئة ، لابتنائه على نفي الأحكام الواقعيّة ، وكون ما ظنّه المجتهد هو حكم الله الواقعي.
هذا غاية توضيح المقام. وهو بعد لا يخلو من نظر ، لأنّ اختلاف القائلين بالتخطئة والتصويب إنّما هو في الموارد الخالية من النصّ ، لاتّفاق الفريقين على القول بالتخطئة في موارده ، فإطلاق القول بها أو بالتصويب أجنبيّ عن قضيّة تعلّق التكليف بالواقع ، وقاعدة قبح تأخير البيان ، بل على مذهبنا قد ورد النصّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام في جميع الوقائع حتّى أرش الخدش ، كما ورد في أخبارنا التي ادّعي تواترها.
١٦١٩. يعني : بالنسبة إلى المشافهين بهذا الخطاب ، إذ الإجمال إنّما طرأ بالنسبة إلينا لأجل بعض الامور الخارجة ، ولا يجب على الإمام عليهالسلام إزالة هذا الإجمال ، إذ اللازم حينئذ هو الرجوع إلى القواعد المقرّرة من جهتهم في موارد الشبهة ، ومع فقدها إلى الأصول. والحاصل : أنّ القبيح هو الخطاب بما كان مجملا بالذات ، لا بما طرأ عليه الإجمال بعد الخطاب وفهم المراد منه بالنسبة إلى من شارك من خوطب به في مؤدّاه.