من الواقع ـ بوجوب الاحتياط حذرا من ترك الواجب الواقعي ، وأين ذلك من مسألة التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة؟ مع أنّ التكليف بالمجمل (١٦٢٠) وتأخير البيان عن وقت العمل لا دليل على قبحه إذا تمكّن المكلّف من الإطاعة ولو بالاحتياط.
وأمّا ما ذكره تبعا للمحقّق المذكور : من تسليم وجوب الاحتياط إذا قام الدليل على وجوب شىء معيّن في الواقع غير مشروط بالعلم به. ففيه : أنّه إذا كان (١٦٢١) التكليف بالشيء قابلا لأن يقع مشروطا بالعلم ولأن يقع منجّزا غير
______________________________________________________
١٦٢٠. حاصله : منع قبح الخطاب بالمجمل مطلقا وإن كان إجماله ذاتيّا أيضا. وتوضيحه : أنّ التكليف بالمجمل يتصوّر على وجوه :
أحدها : أن يتعلّق التكليف بالواقع من دون علم المكلّف به ولا تمكّنه من الوصول إليه ولو بالاحتياط ، مثل أن يقول : ائتني بشيء ، وأراد به شيئا معيّنا في الواقع.
وثانيها : أن يتعلّق التكليف بالواقع ، وكان المكلّف متمكّنا من تحصيل العلم به بالاحتياط لا على وجه التفصيل ، بأن قال : أكرم بعض هذه الجماعة من العلماء ، وأراد واحدا معيّنا من العشرة ، ولكن كان الغرض من الخطاب هو الإطاعة التفصيليّة دون الإجماليّة.
وثالثها : كسابقه إلّا في عدم تعلّق الغرض بالإتيان بالواقع بالإطاعة التفصيليّة ، بأن كان المقصود من الخطاب الإتيان بالواقع ولو بالاحتياط.
والمسلّم من قبح الخطاب بالمجمل من دون بيان عند الحاجة هو القسمان الأوّلان ، وإلّا فلا ريب في صحّة الخطاب على الوجه الأخير ، كما حكي التصريح به عن جماعة من أواخر المتأخّرين منهم الوحيد البهبهاني قدسسره.
١٦٢١. ظنّي أنّ ما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله من فرض وقوع التكليف منجّزا غير مشروط بالعلم إنّما هو على سبيل الفرض ومع قطع النظر عن قبح الخطاب