مشروط بالعلم بالشيء ، كان ذلك اعترافا (١٦٢٢) بعدم قبح التكليف بالشيء المعيّن المجهول ، فلا يكون العلم شرطا عقليّا ، وأمّا اشتراط التكليف به شرعا فهو غير معقول (١٦٢٣) بالنسبة إلى الخطاب الواقعي ، فإنّ الخطاب الواقعي في يوم الجمعة ـ سواء فرض قوله : «صلّ الظهر» أم فرض قوله : «صلّ الجمعة» ـ لا يعقل أن يشترط بالعلم بهذا الحكم التفصيلي.
نعم بعد اختفاء هذا الخطاب المطلق يصحّ أن يرد خطاب مطلق ، كقوله : «اعمل بذلك الخطاب ولو كان عندك مجهولا ، وائت بما فيه ولو كان غير معلوم» ، كما يصحّ أن يرد خطاب مشروط وأنّه لا يجب عليك ما اختفى عليك من التكليف في يوم الجمعة وأنّ وجوب امتثاله عليك مشروط بعلمك به تفصيلا.
ومرجع الأوّل إلى الأمر بالاحتياط ، ومرجع الثاني إلى البراءة عن الكلّ إن أفاد نفي وجوب الواقع رأسا المستلزم لجواز المخالفة القطعيّة ، وإلى نفي ما علم إجمالا بوجوبه. وإن أفاد نفي وجوب القطع بإتيانه وكفاية إتيان بعض ما يحتمله ، فمرجعه إلى جعل البدل للواقع والبراءة عن إتيان الواقع على ما هو عليه. لكنّ دليل البراءة
______________________________________________________
بالمجمل ، كما يومي إليه قوله : «نعم لو فرض» وقوله : «من أين هذا الفرض وأنّى يمكن إثباته». ومقصوده أنّه لو فرض وجود هذا الأمر المحال كان الاحتياط واجبا ، وأنّى يمكن إثباته؟ ثمّ إنّ المفروض ثبوت وجوب الشيء لا حصول الإجماع أو ورود النصّ عليه ، فكأنّه قال : إذا فرض ثبوت هذا الوجوب بدليل من إجماع أو نصّ كان الاحتياط واجبا ، وإن كان هذا الوجوب لأجل استلزامه المحال محالا. فلا يرد حينئذ أنّه إذا كان الوجوب المذكور محالا ، لأجل استلزامه تأخير البيان عن الحاجة ، لا يمكن قيام دليل شرعيّ عليه ، إذ القبيح لا يصير حسنا بقيام دليل شرعيّ عليه ، بل قيام الإجماع ـ الذي هو من الأدلّة القطعيّة ـ عليه محال. والفرق بينه وبين ما أورده المصنّف رحمهالله واضح ، إلّا أنّ شيئا منهما غير وارد بعد ما عرفت.
١٦٢٢. يعني : اعترافا بعد إنكاره أوّلا.
١٦٢٣. لاستلزامه الدور.