التمكّن من تمام (١٦٢٩) الاحتياط في العبادات حتّى من حيث مراعاة قصد التقرّب المعتبر في الواجب الواقعي ـ من جهة استلزامه للتشريع المحرّم ـ ، فيدور الأمر بين الاقتصار على أحد المحتملين وبين الإتيان بهما مهملا لقصد التقرّب في الكلّ فرارا عن التشريع ، ولا شكّ أنّ الثاني أولى ؛ لوجوب الموافقة القطعيّة بقدر الإمكان ، فإذا لم يمكن الموافقة بمراعاة جميع ما يعتبر في الواقعي في كلّ من المحتملين ، اكتفي بتحقّق ذات الواجب في ضمنهما : أنّ اعتبار قصد (١٦٣٠) التقرّب والتعبّد في العبادة الواجبة واقعا لا يقتضي قصده في كلّ منهما ، كيف وهو غير ممكن! وإنّما يقتضي بوجوب قصد التقرّب والتعبّد في الواجب المردّد بينهما بأن يقصد في كلّ منهما : أنّي أفعله ليتحقّق به أو بصاحبه التعبّد بإتيان الواجب الواقعي.
وهذا الكلام بعينه جار في قصد الوجه المعتبر في الواجب ؛ فإنّه لا يعتبر قصد ذلك الوجه خاصّة في خصوص كلّ منهما ، بأن يقصد أنّي اصلّي الظهر لوجوبه ، ثمّ يقصد أنّي اصلّي الجمعة لوجوبها ، بل يقصد أنّي اصلّي الظهر لوجوب الأمر الواقعي المردّد بينه وبين الجمعة التي اصلّيها بعد ذلك أو صلّيتها قبل ذلك.
______________________________________________________
مبنيّ على ما عرفته في الحاشية السابقة من تحقّق التشريع فيما لم يثبت كونه من الدين مطلقا ، وحينئذ يمكن دعوى كون القول بالاحتياط أولى من القول بالتخيير ، لحصول الواقع بالأوّل بالفرض ، والشكّ في حصوله بالثاني.
١٦٢٩. حاصله : دوران الأمر في المقام بين فوات وصف من أوصاف الذات يقينا وبين احتمال فوات الذات ، وأنّ الأوّل أولى من الثاني. وهو لا يخلو من تأمّل ، لأنّ نيّة التقرّب لا تقاس على سائر شرائط العبادة ، لأنّ قوامها بها ، وهي روحها ، وهي بدونها كالعدم ، لأنّ مطلوبيّتها إنّما هي بعنوان حصول التقرّب والامتثال بها ، بل ذلك هي الغاية المقصودة منها. ويمكن دعوى معارضة فوات مثل هذا الوصف لفوات الذات فيما كان الأوّل قطعيّا والثاني محتملا كما هو الفرض.
١٦٣٠. حاصله : منع اعتبار قصد التقرّب بخصوص المأتيّ به تفصيلا ، وأنّ ذلك على تقدير تسليمه إنّما هو فيما أمكن تحصيل العلم التفصيلي بالواقع فيه ،