والحاصل : أنّ نيّة الفعل هو قصده على الصفة التي هو عليها التي باعتبارها صار واجبا ، فلا بدّ من ملاحظة ذلك في كلّ من المحتملين ، وإذا لاحظنا ذلك فيه وجدنا الصفة التي هو عليها ـ الموجبة للحكم بوجوبه ـ هو احتمال تحقّق الواجب المتعبّد به والمتقرّب به إلى الله تعالى في ضمنه ، فيقصد هذا المعنى ، والزائد على هذا المعنى غير موجود فيه ، فلا معنى لقصد التقرّب في كلّ منهما بخصوصه ، حتّى يردّ : أنّ التقرّب والتعبّد بما لم يتعبّد به الشارع تشريع محرّم.
نعم هذا الإيراد متوجّه على ظاهر من اعتبر في كلّ من المحتملين قصد التقرّب والتعبّد به بالخصوص ، لكنّه مبنيّ أيضا على لزوم ذلك من الأمر الظاهري بإتيان كلّ منهما عبادة ، فيكون كلّ منهما عبادة واجبة في مرحلة الظاهر ، كما إذا شكّ في الوقت أنّه صلّى الظهر أم لا ، فإنّه يجب عليه فعلها ، فينوي الوجوب والقربة وإن احتمل كونها في الواقع لغوا غير مشروع ، فلا يرد عليه إيراد التشريع ؛ إذ التشريع إنّما يلزم لو قصد بكلّ منهما أنّه الواجب واقعا المتعبّد به في نفس الأمر. ولكنّك عرفت أنّ مقتضى النظر الدقيق خلاف هذا البناء ، وأنّ الأمر المقدّمي ـ خصوصا الموجود في المقدّمة العلميّة التي لا يكون الأمر بها إلّا إرشاديّا ـ لا يوجب موافقته التقرّب ولا يصير منشأ لصيرورة الشيء من العبادات إذا لم يكن في نفسه منها.
وقد تقدّم في مسألة (١٦٣١) «التسامح في أدلّة السنن» ما يوضح حال الأمر بالاحتياط ، كما أنّه قد استوفينا في بحث «مقدّمة الواجب» حال الأمر المقدّمي ، وعدم
______________________________________________________
كيف وهو غير مسلّم فيه أيضا ، ولذا قلنا بجواز الاحتياط فيما أمكن فيه العلم التفصيلي ومرجع ما ذكره هنا في كيفيّة قصد التقرّب أو الوجه إلى الطريقة الثانية من الطريقين اللتين ذكرهما.
١٦٣١. الظاهر أنّ مقصوده الإشارة إلى ما حقّقه في سائر مصنّفاته. نعم ، قد ذكر شطرا من الكلام في أدلّة التسامح في بعض مسائل الشكّ في التكليف ، إلّا أنّا قد أشرنا عند شرح قوله : «له في ذلك طريقان ....» إلى أنّ ما ذكره هناك ينافي ما بنى عليه تحقيق الكلام هنا. ثمّ إنّ تحقيق الكلام في كون الوضوء والغسل حسنين