صيرورة المقدّمة بسببه عبادة ، وذكرنا ورود الإشكال من هذه الجهة على كون التيمّم من العبادات على تقدير عدم القول برجحانه في نفسه كالوضوء ؛ فإنّه لا منشأ حينئذ لكونه منها إلّا الأمر المقدّمي به من الشارع.
فإن قلت : يمكن إثبات (١٦٣٢) الوجوب الشرعيّ المصحّح لنيّة الوجه والقربة
______________________________________________________
بالذات دون التيمّم موكول إلى الفقه.
وأمّا صحّة التقرّب بالأمر الغيري وعدمها ، وكذا صحّة ترتّب الثواب على موافقته والعقاب على مخالفته وعدمها ، فقد استوفينا الكلام في ذلك في مبحث المقدّمة ، وذكرنا هناك أنّ ظاهر الفقهاء كون قصد التقرّب في الوضوء والغسل لأجل الأمر الغيري المتعلّق بهما ، وذكرنا أيضا الإشكال فيه في صيرورة التيمّم بمجرّد الأمر الغيري به عبادة ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله أيضا هنا ، فمن أراد أن يصدع الحقّ فعليه بمراجعته.
١٦٣٢. هذا من جملة الأدلّة التي استدلّوا بها على المختار ، كما أشرنا إليه في بعض الحواشي السابقة. وقد قرّر التمسّك به بوجهين :
أحدهما : ما هو ظاهر المصنّف رحمهالله من أنّه إذا علم بالوجوب وتردّد الواجب بين أمرين فالأصل بقاء الشغل ، وعدم الخروج من عهدة التكليف بالإتيان بأحدهما ، فيثبت وجوب الأوّل منهما بالإجماع ، إذ الفرض هنا حرمة المخالفة القطعيّة ، ووجوب الآخر بالأصل.
ويرد على التمسّك بالإجماع ـ مضافا إلى ما أورده المصنّف رحمهالله ـ أنّ هذا الإجماع ليس بحجّة ، لكون المسألة عقليّة ، لأنّ مستند المجمعين هو العقل كما أوضحه المصنّف رحمهالله ، لا ورود دليل تعبّدي على ذلك ، ولا اعتداد بالإجماع في المسائل العقليّة ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله في المقصد الأوّل عند بيان أدلّة القول بحرمة التجرّي ، وأوضحناه هناك. والفرق بينه وبين ما أورده المصنّف رحمهالله هو عدم