في المحتملين ؛ لأنّ الأوّل منهما واجب بالإجماع ولو فرارا عن المخالفة القطعيّة ، والثاني واجب بحكم الاستصحاب المثبت للوجوب الشرعيّ الظاهري ؛ فإنّ مقتضى الاستصحاب بقاء الاشتغال وعدم الإتيان بالواجب الواقعي وبقاء وجوبه. قلت : أمّا المحتمل المأتيّ به أوّلا فليس واجبا في الشرع لخصوص كونه ظهرا أو جمعة ، وإنّما وجب لاحتمال تحقّق الواجب به الموجب للفرار عن المخالفة أو للقطع بالموافقة إذا أتي معه بالمحتمل الآخر ، وعلى أيّ تقدير فمرجعه إلى الأمر بإحراز الواقع ولو احتمالا.
وأمّا المحتمل الثاني فهو أيضا ليس إلّا بحكم العقل من باب المقدّمة ، وما ذكر من الاستصحاب ، فيه ـ بعد منع جريان الاستصحاب في هذا المقام من جهة حكم العقل (١٦٣٣) من أوّل الأمر بوجوب الجميع و (*) بعد الإتيان بأحدهما يكون حكم العقل
______________________________________________________
الاستصحاب لكلّ منهما على نهج واحد ، فلا مرجّح لإدراج أحدهما تحتها دون الآخر. مع أنّه يمكن ترجيح الاستصحاب العدمي هنا على الوجودي بالتعدد ، وقد صرّح والده صاحب الرياض بالترجيح به في مبحث الحيض.
١٦٣٣. حاصل هذا الوجه : أنّ الاستصحاب إنّما يجري فيما لم يكن الشكّ في بقاء الحكم السابق علّة تامّة لثبوته في حال الشكّ ، وإلّا كان ثبوت الحكم في مورد الشكّ يقينيّا ، فلا يبقى شكّ في الحالة الثانية في الظاهر حتّى يستصحب فيه الحكم السابق ، ولذا لا يجري استصحاب الاشتغال في مورد قاعدته ، لكون الشكّ في ارتفاع الحكم بعد العلم إجمالا أو تفصيلا بثبوته علّة تامّة لحكم العقل بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ. وما نحن فيه من جزئيّات هذه الكلّية ، لأنّه إذا علم بوجوب شيء في الواقع وتردّد عندنا بين أمرين ، فالشكّ في الخروج من عهدة التكليف بعد الإتيان بأحدهما علّة تامّة لحكم العقل بتحصيل العلم بالفراغ بالإتيان بالآخر ، وإلّا لم يكن حاكما بوجوب الإتيان بالجميع من أوّل الأمر ، فلا مجرى حينئذ لاستصحاب الشغل لإثبات وجوب الآخر.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «و» ، إذ.