باقيا قطعا ؛ وإلّا لم يكن حاكما بوجوب الجميع وهو خلاف الفرض ـ أنّ مقتضى الاستصحاب (١٦٣٤) وجوب البناء على بقاء الاشتغال حتّى يحصل اليقين بارتفاعه ، أمّا وجوب تحصيل اليقين بارتفاعه فلا يدلّ عليه الاستصحاب ، وإنّما يدلّ عليه العقل المستقلّ بوجوب القطع بتفريغ الذمّة عند اشتغالها ، وهذا معنى الاحتياط ، فمرجع الأمر إليه.
وأمّا استصحاب وجوب ما وجب سابقا في الواقع أو استصحاب عدم الإتيان بالواجب الواقعي ، فشيء منهما لا يثبت (١٦٣٥) وجوب المحتمل الثاني حتّى يكون وجوبه شرعيّا إلّا على تقدير القول بالاصول المثبتة ، وهي منفيّة كما قرّر في محلّه.
ومن هنا ظهر الفرق بين ما نحن فيه وبين استصحاب عدم فعل الظهر وبقاء وجوبه على من شكّ في فعله ؛ فإنّ الاستصحاب بنفسه مقتض هناك لوجوب الإتيان بالظهر الواجب في الشرع على الوجه الموظّف ، من قصد الوجوب والقربة وغيرهما. ثمّ إنّ بقيّة الكلام في ما يتعلّق بفروع هذه المسألة تأتي في الشبهة الموضوعيّة إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية : ما إذا اشتبه الواجب في الشريعة بغيره من جهة إجمال النصّ بأن يتعلّق التكليف الوجوبي بأمر مجمل كقوله : «ائتني بعين» وقوله تعالى : (حافِظُوا
______________________________________________________
ومن هنا يظهر أنّ الأظهر عدم جريان الاستصحاب أيضا فيما لو شكّ في فعل الظهر قبل خروج الوقت ، وإن كان ظاهر المصنّف رحمهالله تسليم جريانه. اللهمّ إلّا أن يقال بكونه مبنيّا على مذاق المشهور في أمثال المقام.
١٦٣٤. الأظهر عدم جريان هذا الاستصحاب ، لعدم ترتّب أثر شرعيّ عليه ، لما سيجيء في محلّه من عدم جريانه فيما لم يترتّب فيه أثر شرعيّ على المستصحب ، ولا أثر لاشتغال الذمّة هنا سوى وجوب تحصيل اليقين بارتفاعه ، والفرض أنّه من آثاره العقليّة دون الشرعيّة.
١٦٣٥. لأنّ استلزام بقاء وجوب ما وجب سابقا ، أو عدم الإتيان بالواجب الواقعي لوجوب المشتبه الآخر ، وكونه هو الواجب الواقعي عقلي ، والاصول لا تثبت اللوازم العقليّة.