وبالجملة فنقل الإجماع مستفيض ، وهو كاف في المسألة (١٥٦٢).
الثاني : ما استدلّ به جماعة من لزوم المشقّة في الاجتناب ولعلّ المراد به لزومه في أغلب أفراد هذه الشبهة لأغلب أفراد المكلّفين ، فيشمله عموم قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٣) وقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤) ، بناء على أنّ المراد أنّ ما كان الغالب فيه الحرج على الغالب فهو مرتفع عن جميع المكلّفين حتّى من لا حرج بالنسبة إليه. وهذا المعنى وإن كان خلاف الظاهر (١٥٦٣) ، إلّا أنّه يتعيّن الحمل عليه بمعونة ما ورد من إناطة الأحكام الشرعيّة الكلّية وجودا وعدما بالعسر واليسر الغالبين.
______________________________________________________
١٥٦٢. لما سيشير إليه من كون المسألة فرعيّة ، ولا إشكال فيه ، لأنّا إن سلّمنا كون أصالة البراءة في الشبهات الحكميّة اصوليّة ، فلا ريب في كونها في الشبهات الموضوعيّة فرعيّة. وقد أشار إلى نظير ذلك في مسألة الاستصحاب ، وقد حقّقنا الكلام في ذلك في محلّ آخر.
١٥٦٣. لأنّ ظاهر نفي العسر وتوجيه الخطاب في الآيات إلى كلّ واحد من المكلّفين كون المنفي هو العسر الشخصي دون النوعي ، فيدور الحكم مدار تحقّق العسر فعلا في حقّ كلّ مكلّف. وأمّا ما دلّ من إناطة الأحكام بالعسر واليسر الغالبين فمنها قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) إذ لا ريب أنّ استلزام الصوم في السفر للعسر غالبي بالنسبة إلى الحالات والأشخاص.
ومنها صحيحة الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء. فقال : لا بأس ما جعل عليكم في الدين من حرج». ومنها صحيحة أبي بصير ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته عن الجنب يجعل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه. قال : إن كان يده قذرة فليهرقه ، و