وفي هذا الاستدلال نظر (١٥٦٤) ، لأنّ أدلّة نفي العسر والحرج من الآيات
______________________________________________________
إن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه ، هذا ممّا قال الله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). ومنها موثّقة أبي بصير قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إنّا نسافر فربما بلينا بالغدير من المطر إلى جانب القرية ، فيكون فيه العذرة ، ويبول فيه الصبيّ ، وتبول فيه الدابّة وتروث. فقال : إن عرض في قلبك شيء فافعل هكذا ، يعني : افرج الماء بيدك ثمّ توضّأ ، فإنّ الدين ليس بمضيّق ، فإنّ الله عزوجل يقول : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). إلى غير ذلك من الأخبار.
ويؤيّدها ـ مضافا إلى قوله صلىاللهعليهوآله : «بعثت بالحنيفيّة السهلة السمحة» ـ إنّ الحكمة في رفع العسر والحرج عن هذه الأمّة هو تسهيل الأمر عليهم في أمر معاشهم ومعادهم ، ولا ريب أنّ تحديد ما يرتفع به العسر ويندفع به الحرج وموارد لزومهما ، والاقتصار في ما يتعلّق بالمعاش والمعاد على ذلك يوجب العسر والمشقّة على العباد ، فاللطف الواجب عليه تعالى الباعث لرفع المشاقّ عنهم كما قرّر في محلّ آخر ، أو الأدلّة السمعيّة من الآيات والأخبار الدالّة على ارتفاعها ، مقتضية لكون المدار في رفعها على الغالب وإلّا لزم نقض الغرض ، فتأمّل. وإطالة الكلام بالنقض والإبرام في تحرير هذه القاعدة وإثباتها ، وبيان مقدار مقتضاها وكيفيّة اقتضائها ، وحال معارضتها مع سائر الأدلّة ، خارجة من محلّ الكلام ، والاهتمام بالأهمّ هو الأهمّ.
١٥٦٤. توضيح النظر أنّ ظاهر أدلّة نفي العسر والحرج من الآيات وأكثر الروايات هو اعتبار العسر الشخصي الملحوظ بالنسبة إلى آحاد المكلّفين ، فتكون النسبة بينها وبين المدّعى عموما من وجه ، إذ ربّ مورد من موارد العسر لا دخل له في الشبهة غير المحصورة ، وربّ مورد من موارد الشبهة غير المحصورة لا يلزم من الاحتياط فيه عسر على بعض المكلّفين ولو بالنسبة إلى بعض حالاته.
وأمّا إذا لوحظت هذه الأدلّة مع ما دلّ على دوران الأحكام مدار السهولة