.................................................................................................
______________________________________________________
توضيحه في المسألة الاولى من مسائل هذا المطلب عند شرح ما يتعلّق بالطريقين الذين ذكرهما المصنّف رحمهالله لكيفيّة قصد القربة بالمشتبهين. وما ذكره هنا بقوله : «ويترتّب على هذا ...» بيان للثمرة للطريقين ، وقد أوضحناها هناك.
فإن قلت : إنّ غاية ما ذكرت هناك صحّة قصد التقرّب بكلّ من المشتبهين إن كان الأمر بهما شرعيّا ، وبالواقع المعلوم إجمالا ـ كما ذكره المصنّف رحمهالله هنا وهناك ـ إن كان الأمر بهما إرشاديّا ، وهذا ينافي الملازمة الكلّية من أنّ كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، لكون حكم العقل هنا ـ بل في كلّ مورد ، كما صرّح به سلطان العلماء في بعض حواشي المعالم ـ إرشاديّا إلى ما في الفعل أو الترك من مصلحة المكلّف ، فغاية ما يحكم به أنّ في فعل هذا أو تركه مصلحة المكلّف ، لا الأمر بأحدهما على طريق المولويّة. فإذا فرض حكم الشرع على طبق حكم العقل ، فلا بدّ أن يكون حكم الشرع أيضا إرشاديّا. وإذا قلنا بصحّة قصد التقرّب بكلّ من المشتبهين إذا ثبت وجوبهما شرعا ، فلا بدّ أن نقول بذلك إذا ثبت وجوبهما عقلا أيضا.
قلت : نعم ، إلّا أنّ الملازمة المذكورة إنّما هي فيما أمكن ورود حكم شرعيّ فيه ، لوضوح عدم تأتّيها فيما لم يكن كذلك ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، إذ لا ريب أنّ الاحتياط طريق إطاعة للحكم المعلوم إجمالا غير قابل لجعل الشارع ، لأنّ العلم الإجمالي كالتفصيلي طريق اضطراري عقلي منجّز للتكليف بالواقع ، وعلّة تامّة عند العقل لوجوب الاحتياط في الظاهر ما لم يثبت جعل الشارع أحد المحتملين بدلا عن الواقع ، كيف لا ولو كان قابلا لورود أمر شرعيّ عليه لاحتاج وجوب إطاعة هذا الأمر أيضا إلى أمر آخر ، وهكذا فيتسلسل. ومن هنا حمل قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) على الإرشاد. ومع فرض عدم قابليّته لورود أمر شرعيّ عليه ، بمعنى عدم قابليّته للاتّصاف بالوجوب الشرعيّ من حيث كونه احتياطا لو فرض إيجاب الشارع لكلا المحتملين ، فلا بدّ أن يكون ذلك من