[وينظره](١) ، وكان غائبا فجاءوا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية ، وجعل شمعون يدعو ربه سرا ، فقام الميت ، وقال : إني قدمت منذ سبعة أيام ووجدت مشركا فأدخلت في سبعة أودية من النار ، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله [حتى تنجوا منها](٢) ، ثم قال : فتحت لي أبواب السماء فنظرت فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة ، قال الملك : ومن الثلاثة؟ قال : شمعون وهذان وأشار إلى صاحبيه ، فتعجب الملك لما علم ، فلما علم شمعون أن قوله [قد] أثّر في الملك أخبره (٣) بالحال ، ودعاه إلى الإسلام فآمن الملك وآمن قوم كثير ، وكفر [قوم](٤) آخرون.
وقيل : إن ابنة للملك كانت قد توفيت ودفنت ، فقال شمعون للملك : اطلب من هذين الرجلين أن يحييا ابنتك ، فطلب منهما الملك ذلك فقاما وصليا ودعوا وشمعون معهما في السر ، فأحيا الله المرأة وانشق القبر عنها فخرجت ، وقالت : أسلموا فإنهما صادقان ، قالت : ولا أظنكم تسلمون ثم طلبت من الرسولين أن يرداها إلى مكانها فذرا ترابا على رأسها وعادت إلى قبرها كما كانت.
وقال ابن إسحاق عن كعب ووهب : بل كفر الملك ، وأجمع هو وقومه على قتل الرسل فبلغ ذلك حبيبا ، وهو على باب المدينة الأقصى ، فجاء يسعى إليهم يذكرهم ويدعوهم إلى طاعة المرسلين.
(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩) وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠))
فذلك قوله تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) ، وقال وهب : اسمهما يوحنا وبولس (٥) ، (فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا) ، يعني فقوّينا (بِثالِثٍ) ، برسول ثالث وهو شمعون ، وقرأ أبو بكر عن عاصم فعززنا بالتخفيف وهو بمعنى الأول كقولك : شددنا وشدّدنا ، بالتخفيف والتثقيل.
وقيل : أي فغلبناه من قولهم (٦) : من عزّ بزّ (٧). وقال كعب : الرسولان صادق وصدوق ، والثالث شلوم ، وإنما أضاف الله الإرسال إليه لأن عيسى إنما بعثهم بأمره تعالى (فَقالُوا) ، جميعا لأهل أنطاكية ، (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ).
(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) (١٥) ، ما أنتم إلا كاذبون فيما تزعمون.
(قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ).
(وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
(قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) ، تشاءمنا بكم وذلك أن المطر حبس عنهم حين قدم الرسل عليهم ، فقالوا : [ما] أصابنا هذا [إلا] بشؤمكم ، (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ) ، لنقتلنكم ، وقال قتادة : بالحجارة ،(وَلَيَمَسَّنَّكُمْ
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «خبّره» والمثبت عن المخطوط و «ط».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «يحيى ويونس» والمعنى واحد.
(٦) في المخطوط «كقوله».
(٧) في المطبوع «من عزيز» والمثبت عن «ط» والمخطوط.