سورة الزمر
مكية إلّا قوله (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) الآية ، فمدنية ، وهي خمس وسبعون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤))
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) ، أي هذا تنزيل الكتاب. وقيل : تنزيل الكتاب مبتدأ وخبره ، (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ، أي تنزيل الكتاب من الله لا من غيره.
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) ، قال مقاتل : لم ينزله باطلا لغير شيء ، (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) ، الطاعة.
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) ، قال قتادة : شهادة أن لا إله إلّا الله. وقيل : لا يستحق الدين الخالص إلّا الله. وقيل : الدين الخالص من الشرك هو لله. (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) ، أي من دون الله ، (أَوْلِياءَ) ، يعني الأصنام ، (ما نَعْبُدُهُمْ) ، أي قالوا ما نعبدهم ، (إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) ، وكذلك قرأ ابن مسعود وابن عباس ، قال قتادة : وذلك أنهم كانوا إذا قيل لهم : من ربكم ومن خلقكم ومن خلق السموات والأرض؟ قالوا : الله ، فيقال لهم : فما معنى عبادتكم الأوثان؟ قالوا : ليقربونا إلى الله زلفى ، أي قربى ، وهو اسم أقيم في مقام المصدر ، كأنه قال : إلا ليقربونا إلى الله تقريبا ويشفعوا لنا عند الله ، (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) ، يوم القيامة ، (فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، من أمر الدين ، (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) ، لا يرشد لدينه من كذب ، فقال : إن الآلهة لتشفع. وكفى باتخاذ الآلهة دونه كذبا وكفرا.
(لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى) ، لاختار ، (مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) ، يعني الملائكة ، كما قال :
(لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) [الأنبياء : ١٧] ، ثم نزّه نفسه فقال : (سُبْحانَهُ) ، تنزيها له عن ذلك وعمّا لا يليق بطهارته ، (هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ