وما أمرنا إلّا مرة واحدة ، وقيل : معناه وما أمرنا للشيء إذا أردنا تكوينه إلّا كلمة واحدة : كن فيكون ، لا مراجعة فيها كلمح بالبصر. قال عطاء عن ابن عباس : يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر وقال الكلبي عنه : وما أمرنا بمجيء الساعة في السرعة إلّا كطرف البصر.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) ، أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم السالفة ، (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ، متعظ يعلم أن ذلك حق فيخاف ويعتبر.
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥))
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) ، يعني فعله الأشياع من خير وشر ، (فِي الزُّبُرِ) ، في كتاب الحفظة ، وقيل : في اللوح المحفوظ.
(وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ) ، من الخلق وأعمالهم وآجالهم ، (مُسْتَطَرٌ) ، مكتوب ، يقال : سطرت واستطرت وكتبت واكتتبت.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ) ، بساتين ، (وَنَهَرٍ) ، أي أنهار ، ووحده لأجل رءوس الآي ، وأراد أنهار الجنة من الماء والخمر واللبن والعسل. وقال الضحاك : يعني في ضياء وسعة ومنه النهار. وقرأ الأعرج : (وَنَهَرٍ) بضمتين جمع النهار يعني لا ليل لهم.
(فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) ، في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم ، (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) ، ملك قادر لا يعجزه شيء. قال جعفر الصادق رضي الله عنه : مدح الله المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلّا أهل الصدق.
سورة الرحمن
[مكية وقيل] مدنية وهي ثمان وسبعون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤))
(الرَّحْمنُ) [قيل](١) نزلت حين قالوا وما الرحمن ، وقيل : هو جواب لأهل مكة حين قالوا إنما يعلمه بشر.
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) (٢) ، قال الكلبي علم القرآن محمدا. وقيل : علم القرآن يسره للذكر.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ) (٣) ، يعني آدم عليهالسلام ، قاله ابن عباس وقتادة.
(عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (٤) ، أسماء كل شيء ، وقيل : علمه اللغات كلها ، وكان آدم يتكلم بسبعمائة [ألف] لغة أفضلها العربية. وقال الآخرون : الإنسان اسم جنس ، وأراد به جميع الناس ، (عَلَّمَهُ الْبَيانَ)
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.