سورة ق
مكية وهي خمس وأربعون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤))
(ق) قال ابن عباس : هو قسم ، وقيل : هو اسم للسورة ، وقيل : هو اسم من أسماء القرآن. وقال القرظي : هو مفتاح اسمه القدير ، والقادر والقاهر والقريب والقابض ، وقال عكرمة والضحاك : هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء ، منه خضرة السماء والسماء مقبية [عليه](١). عليه كنفاها (٢) ، ويقال هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة ، وقيل : معناه قضي الأمر أو قضي ما هو كائن كما قالوا في (الم) [السجدة : ١](وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ، الشريف الكريم على الله الكثير الخير واختلفوا في جواب هذا القسم ، فقال أهل الكوفة جوابه (بَلْ عَجِبُوا) وقيل جوابه محذوف ، مجازه : والقرآن المجيد لتبعثن. وقيل : جوابه قوله (ما يلفظ من قول). وقيل : (قَدْ عَلِمْنا) ، وجوابات القسم سبعة «إنّ» الشديدة كقوله : (وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢)) [الفجر : ١](إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٤) [الفجر : ١٤] وما النفي كقوله : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) [الضحى : ١ و ٣] ، واللام المفتوحة كقوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٢) (٣) [الحجر : ٩٢] وإن الخفيفة كقوله تعالى : (إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الشعراء : ٩٧] ولا كقوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) [النحل : ٣٨] ، و «قد» كقوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩) [الشمس : ١ و ٩] ، وبل كقوله : (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ).
(بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ) ، مخوف ، (مِنْهُمْ) ، يعرفون نسبه وصدقه وأمانته (فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) ، غريب.
(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) ، نبعث ترك ذكر البعث لدلالة الكلام عليه ، (ذلِكَ رَجْعٌ) ، أي رد إلى الحياة (بَعِيدٌ) ، وغير كائن أي يبعد أن نبعث بعد الموت.
قال الله عزوجل : (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) ، أي ما تأكل من لحومهم ودمائهم وعظامهم لا يعزب عن علمه شيء. قال السدي : هو الموت ، يقول : قد علمنا من يموت منهم ومن يبقى ، (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) ، محفوظ من الشياطين ومن أن يدرس ويتغير [وهو اللوح المحفوظ](٤) ، وقيل : حفيظ أي حافظ لعدتهم وأسمائهم.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط وط.
(٢) في المطبوع «كتفاها» والمثبت عن المخطوط.
(٣) تصحف في المطبوع «أجمعين».
(٤) زيادة عن المخطوط.