مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨))
(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها) (٧٦) ، أي من الجنة ، وقيل : من السموات. وقال الحسن وأبو العالية : أي من الخلقة التي أنت فيها. قال الحسين (١) بن الفضل : هذا تأويل صحيح ، لأن إبليس تجبّر وافتخر بالخلقة ، فغيّر الله خلقته فاسود وقبح بعد حسنه. (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) ، مطرود.
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٨١) ، وهو النفخة الأولى.
(قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (٨٤) ، قرأ عاصم وحمزة ويعقوب : (فَالْحَقُ) برفع القاف على الابتداء ، وخبره محذوف تقديره : الحق مني ، ونصب الثانية أي : وأنا أقول الحق ، قاله مجاهد ، وقرأ الآخرون بنصبهما ، واختلفوا في وجههما ، قيل : نصب الأول على الإغراء كأنه قال : الزم الحق ، والثاني بإيقاع القول عليه أي أقول الحق. وقيل : الأول قسم أي فبالحق وهو الله عزوجل فانتصب بنزع الخافض ، وهو حرف الصفة ، وانتصاب الثاني بإيقاع القول عليه. وقيل : الثاني تكرار القسم ، أقسم الله بنفسه.
(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) (٨٥) ، على تبليغ الرسالة ، (مِنْ أَجْرٍ) ، جعل ، (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) ، المتقوّلين القرآن من تلقاء نفسي ، وكل من قال شيئا من تلقاء نفسه فقد تكلّفه.
[١٨١٤] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة ثنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال دخلنا على عبد الله بن مسعود فقال : يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم ، قال الله تعالى لنبيه : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (٨٦).
قوله : (إِنْ هُوَ) ، ما هو يعني القرآن ، (إِلَّا ذِكْرٌ) ، موعظة ، (لِلْعالَمِينَ) ، للخلق أجمعين.
(وَلَتَعْلَمُنَ) ، أنتم يا كفار مكة ، (نَبَأَهُ) ، خبر صدقه ، (بَعْدَ حِينٍ) ، قال ابن عباس وقتادة : بعد الموت. وقال عكرمة : يعني يوم القيامة. وقال الكلبي : من بقي علم ذلك إذا ظهر أمره وعلا ، ومن مات علمه بعد موته. قال الحسن : ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين.
__________________
[١٨١٤] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ قتيبة بن سعيد ، جرير بن عبد الحميد ، الأعمش سليمان بن مهران ، أبو الضحى ، مسلم بن صبيح ، مسروق بن الأجدع.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٠٩ عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.
ـ وسيأتي في سورة الدخان عند آية : ١٠ إن شاء الله.
(١) في المطبوع «الحسن» والمثبت عن المخطوط و «ط».