فدعاه مكحول فقال : يا أبا إبراهيم حدثنا حديث عبد الرحمن بن عائش ، قال : سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرمي يقول : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ربي عزوجل في أحسن صورة ، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قلت : أنت أعلم أي ربّ ، مرتين ، قال فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما في السماء والأرض» ، قال : ثم تلا هذه الآية : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٧٥) [الأنعام : ٧٥] ، ثم قال : «فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قلت : في الكفارات ، قال : وما هن؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد خلف الصلوات ، وإبلاغ الوضوء أماكنه في المكاره ، قال : ومن يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكن من خطيئته كيوم ولدته أمه ، ومن الدرجات إطعام الطعام وبذل السلام وأن يقوم بالليل والناس نيام ، [ثم](١) قال : قل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات ، وحبّ المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب عليّ وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تعلّموهن فو الذي نفسي بيده إنهن لحق».
قوله عزوجل : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (٧١) ، يعني آدم عليهالسلام.
(فَإِذا سَوَّيْتُهُ) ، أتممت خلقه ، (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) (٧٤) ، ألف استفهام دخلت على ألف الوصل ، (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) ، المتكبرين استفهام توبيخ وإنكار ، يقول : استكبرت بنفسك حتى أبيت السجود؟ أم كنت من القوم الذين بتكبرون فتكبرت عن السجود لكونك منهم؟
(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ
__________________
ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١٧٦ ـ ١٧٧ وقال : رجاله ثقات ا ه.
ـ وجهالة الصحابي لا تضر.
ـ وأخرجه الترمذي ٣٢٣٥ والحاكم ١ / ٥٢١ من حديث عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر عن معاذ مرفوعا.
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال : حسن صحيح.
ـ وورد من حديث ابن عباس.
ـ وأخرجه ابن خزيمة ص ٢١٧ الآجري في «الشريعة» ١٠٥٤ عن طريق أيوب عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس ، ورجاله ثقات.
ـ وورد من حديث ثوبان أخرجه البزار ٢١٢٩ وفيه أبو يحيى الراوي عن أبي أسماء الرحبي لا يعرف ، قاله الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١٧٨ وأخرجه البزار من وجه آخر عن ابن عمرو ، وفيه سعيد بن سنان واه.
ـ وورد من حديث أبي أمامة أخرجه الطبراني كما في «المجمع» ٧ / ١٧٨ وفيه ليث بن أبي سليم غير قوي.
وللحديث شواهد أخرى ، وإن كانت ضعيفة إلّا أنها تتقوى بمجموعها ، والله أعلم.
الخلاصة : هو حديث حسن صحيح كما قال البخاري ، والله تعالى أعلم.
(١) زيادة عن المخطوط.