هذا من الاستفهام الذي معناه التوبيخ والتعجب ، (أَمْ زاغَتْ) ، أي مالت ، (عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) ، ومجاز الآية : ما لنا لا نرى هؤلاء الذين اتخذناهم سخريا لم يدخلوا معنا النار؟ أم دخلوها فزاغت عنهم أبصارنا فلم نرهم حين دخلوا؟ وقيل : أم هم في النار لكن احتجبوا عن أبصارنا؟ وقال ابن كيسان : يعني أم كانوا خيرا منا ولكن نحن لا نعلم ، وكانت أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدهم شيئا.
(إِنَّ ذلِكَ) ، الذي ذكرت ، (لَحَقٌ) ثم بين فقال ، (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ، أي تخاصم أهل النار في النار لحقّ.
(قُلْ) ، يا محمد لمشركي مكة ، (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) ، مخوف ، (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٦٦).
قوله : (قُلْ) ، يا محمد ، (هُوَ) ، يعني القرآن ، (نَبَأٌ عَظِيمٌ) ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ، وقيل : هو يعني القيامة كقوله : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢) [النبأ : ١ ـ ٢].
(أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥))
(أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) (٦٨) ، يعني الملائكة ، (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) يعني في شأن آدم عليهالسلام ، حين قال الله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) [البقرة : ٣٠].
(إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠) ، قال الفراء : إن شئت جعلت (أَنَّما) في موضع رفع أي ما يوحي إلي إلّا الإنذار ، وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إليّ إلّا أني نذير مبين. وقرأ أبو جعفر : إنما بكسر الألف ، لأن الوحي قول.
[١٨١٣] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو منصور السمعاني ثنا أبو جعفر الرياني ثنا حميد بن زنجويه ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال مر بنا خالد بن اللجلاج (١)
__________________
[١٨١٣] ـ صحيح بمجموع طرقه وشواهده.
ـ رجاله ثقات معروفون ، لكن عبد الرحمن بن عائش مختلف في صحبته ، والراجح أنه تابعي ، وقد نفى البخاري صحبته. ويدل عليه كونه رواه بواسطة عن معاذ كما سيأتي ، فالإسناد ضعيف لإرساله ، لكن ورد موصولا ، وله شواهد.
ـ وهو في «شرح السنة» ٩١٩ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الدارمي ٢ / ١٢٦ وابن خزيمة في «التوحيد» ص ٢١٥ ـ ٢١٦ والحاكم ١ / ٥٢٠ ـ ٥٢١ والآجري في «الشريعة» ١٠٥٥ من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به.
ـ وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
ـ وأخرجه أحمد ٤ / ٦٦ من هذا الوجه عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم.
(١) في المطبوع «الحلاج» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».