لحن. قال الكسائي : معناه ليجزي الجزاء قوما ، (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥) وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) ، التوراة ، (وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) ، الحلالات يعني المن والسلوى ، (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ، أي عالمي زمانهم ، قال ابن عباس : لم يكن أحد من العالمين في زمانهم أكرم على الله ولا أحب إليه منهم.
(وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) ، يعني العلم بمبعث محمد صلىاللهعليهوسلم وما بيّن لهم من أمره ، (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
(ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩) هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٢))
(ثُمَّ جَعَلْناكَ) ، يا محمد (عَلى شَرِيعَةٍ) ، سنة وطريقة بعد موسى ، (مِنَ الْأَمْرِ) ، من الدين ، (فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ، يعني مراد الكافرين ، وذلك أنهم كانوا يقولون له ارجع إلى دين آبائك ، فإنهم كانوا أفضل منك.
فقال جلّ ذكره : (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ، لن يدفعوا عنك من عذاب الله شيئا إن اتبعت أهواءهم ، (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ).
(هذا) ، يعني القرآن ، (بَصائِرُ) ، معالم ، (لِلنَّاسِ) ، في الحدود والأحكام يبصرون بها ، (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
(أَمْ حَسِبَ) ، بل حسب ، (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) ، اكتسبوا المعاصي والكفر (أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، نزلت في نفر من مشركي مكة ، قالوا للمؤمنين : لئن كان ما تقولون حقا لنفضلن عليكم في الآخرة كما فضلنا عليكم في الدنيا.
(سَواءً مَحْياهُمْ) قرأ حمزة والكسائي وحفص ويعقوب (سَواءً) بالنصب أي نجعلهم سواء ، يعني أحسبوا أن حياة الكافرين (وَمَماتُهُمْ) كحياة المؤمنين وموتهم سواء كلا ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء والخبر أي محياهم ومماتهم سواء فالضمير فيهما يرجع إلى المؤمنين والكافرين جميعا ، معناه المؤمن مؤمن محياه ومماته أي في الدنيا والآخرة والكافر كافر محياه ومماته في الدنيا والآخرة ، (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ، بئس ما يقضون ، قال مسروق : قال لي رجل من أهل مكة : هذا مقام أخيك تميم الداري ، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله يرددها يركع بها ويسجد ويبكي : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية.
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٣))