يبكيك يا ثابت؟ فقال : هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت فيّ وأنا رفيع الصوت أخاف أن يحبط عملي وأن أكون [من](١) أهل النار ، فمضى عاصم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وغلب ثابت البكاء ، فأتى امرأته جميلة بنت عبد الله بن أبي [ابن](٢) سلول ، فقال : إذا دخلت بيت فرسي فشدي عليّ الضبة بمسمار [فضربته بمسمار](٣) وقال : لا أخرج حتى يتوفاني الله أو يرضى عنّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتى عاصم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخبره خبره فقال له : اذهب فادعه ، فجاء عاصم إلى المكان الذي رآه فلم يجده ، فجاء إلى أهله فوجده في بيت الفرس ، فقال له : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعوك ، فقال : اكسر الضبة فكسرها ، فأتيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما يبكيك يا ثابت»؟ فقال : أنا صيّت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة»؟ فقال : رضيت ببشرى الله ورسوله ولا أرفع صوتي أبدا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) الآية.
قال أنس : فكنّا ننظر إلى رجل من أهل الجنة يمشي بين أيدينا.
فلما كان يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذاب رأى ثابت من المسلمين بعض الانكسار وانهزمت طائفة منهم ، فقال : أف لهؤلاء ، ثم قال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة : ما كنا نقاتل أعداء الله مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل هذا ، ثم ثبتا وقاتلا حتى قتلا.
واستشهد ثابت وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام وأنه قال له : اعلم أن فلان رجل من المسلمين نزع درعي فذهب بها وهي في ناحية من العسكر (٤) عند فرس يستن به في طوله وقد وضع على درعي برمة فأت خالد بن الوليد وأخبره حتى يسترد درعي وأت أبا بكر خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقل له إن عليّ دينا حتى يقضيه (٥) عني ، وفلان وفلان من رقيقي عتيق ، فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه له (٦) ، فاسترد الدرع ، وأخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز أبو بكر وصيته ، قال مالك بن أنس : لا أعلم وصية أجيزت بعد موت صاحبها إلّا هذه.
[١٩٩٤] قال أبو هريرة وابن عباس : لما نزلت هذه الآية كان أبو بكر لا يكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا كأخي السرار.
[١٩٩٥] وقال ابن الزبير : لما نزلت هذه الآية ما حدث عمر النبي صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك فيسمع النبي صلىاللهعليهوسلم كلامه
__________________
الخلاصة : صدره صحيح بشواهده منها المتقدم ، وذكر شد وثاقه حسن بشاهده ، وذكر بشارته في الجنة عند مسلم ١١٩ وتقدم ، وقول أنس إلى «قتلا» أخرجه ابن حبان ٧١٦٨ بسند صحيح على شرط مسلم عن أنس ، وخبر وصيته بدرعه ، ورد بإسناد صحيح كما تقدم ، وبعض ألفاظه لم أجده من ذلك قول مالك في آخره.
[١٩٩٤] ـ أخرجه الحاكم ٢ / ٤٦٢ عن أبي هريرة ، وصححه على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وهو حسن لأجل محمد بن عمرو.
ـ وورد عن ابن عباس عند الواحدي ٧٥٥ بدون إسناد.
ـ ويشهد لحديث أبي هريرة الحديث المتقدم برقم ١٩٩١ ، لكن ذاك في عمر.
[١٩٩٥] ـ تقدم قبل ثلاثة أحاديث.
(١) زيادة عن المخطوط و «دلائل النبوة للبيهقي».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط و «تفسير الطبري» (٣١٦٦٩)
(٤) في المطبوع «المعسكر» والمثبت عن المخطوط و «تفسير الطبري».
(٥) في المخطوط (ب) «يقضى».
(٦) في المخطوط (ب) «وصفه».