وقال الضحاك : نزلت في وفد بني تميم الذي ذكرناهم ، كانوا يستهزءون بفقراء أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم مثل عمار وخبّاب وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة ، لما رأوا من رثاثة حالهم ، فأنزل الله تعالى في الذين آمنوا منهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) أي رجال من رجال ، والقوم اسم يجمع الرجال والنساء ، وقد يختص بجمع الرجال ، (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ).
روي عن أنس أنها نزلت في نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين عيرن أم سلمة بالقصر (١).
[٢٠٠٤] وعن عكرمة عن ابن عباس : أنها نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب ، قال لها النساء : يهودية بنت يهوديين.
(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) ، أي لا يعب بعضكم بعضا ، ولا يطعن بعضكم على بعض ، (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) ، التنابز التفاعل من النبز وهو اللقب ، وهو أن يدعى الإنسان بغير ما سمي به. قال عكرمة : هو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق يا كافر. وقال الحسن : كان اليهودي والنصراني يسلم ، فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني ، فنهوا عنه ذلك. قال عطاء : هو أن تقول لأخيك : يا كلب يا حمار يا خنزير.
وروي عن ابن عباس : قال : التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب عنها فنهي أن يعير بما سلف عن عمله ، (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) ، أي بئس الاسم أن يقول يا يهودي أو يا فاسق بعد ما آمن وتاب ، وقيل معناه : إن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز فهو فاسق ، وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ، فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسوق ، (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) ، من ذلك ، (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ).
[٢٠٠٥] قيل : نزلت الآية في رجلين اغتابا رفيقهما ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا غزا أو سافر
__________________
[٢٠٠٤] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٧٦٤ عن عكرمة عن ابن عباس به معلقا بدون إسناد.
ـ وأخرج الترمذي ٣٨٩٤ وابن حبان ٧٢١١ وعبد الرزاق في «المصنف» ٢٠٩٢١ وأحمد ٦ / ١٣٥ ـ ١٣٦ عن أنس قال : «بلغ صفية أن حفصة قالت لها : ابنة يهودي ، فدخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم وهي تبكي ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوسلم ، وما يبكيك؟ قالت : قالت لي حفصة إني بنت يهودي ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم إنك لابنة نبي ، وإن عمك لنبي ، وإنك لتحت نبي ، فبم تفخر عليك ، ثم قال : اتق الله يا حفصة».
ـ وإسناده على شرط الشيخين ، لكن ليس فيه ذكر نزول الآية كما ترى.
ـ فهذا الذي صح في شأن صفية ، وذكر نزول الآية لا يصح.
[٢٠٠٥] ـ ضعيف جدا. ذكره ابن كثير في «تفسيره» ٤ / ٢٥٤ ونسبه للسدي بدون ذكر الإسناد ، وهذا معضل ، وكذا ذكره السيوطي في «الدر» ٦ / ١٠٢ ونسبه لابن أبي حاتم عن السدي ، ومع إرساله السدي عنده مناكير.
ـ وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ٤ / ٣٧٤ : ذكره الثعلبي وربيعة ، بغير سند ولا راو.
(١) في المخطوط (ب) «في».