المعلومات والارقام والإحصائيات والأسماء والأشياء ، وإذا تمكنت ـ أيها القارىء ـ من التنقل بين ممرات هذه المكتبة الضخمة الأنيقة من غرفة إلى أخرى ومن رف لآخر : فإنك سوف تصل في نهاية المطاف إلى قاعات كبيرة جداً وقد تراكمت فيها أكداس مخيفة من الكتب فوق بعضها البعض وقد علاها الغبار ، ولا تمتد لها يد الاستعمال والمطالعة.
إن ذاكرة الانسان هي أشبه ما تكون بهذه المكتبة ، فهناك بعض المعلومات التي تستعمل باستمرار ، وهناك المعلومات التي تضاف باستمرار ، وهناك أكداس هائلة من المعلومات قد لفها النسيان [ آفة العلم النسيان ـ حديث ـ ] وقد يتساءل الانسان : هل كل ما فعله الانسان أو سمعه او رآه محفوظ في هذه السجلات أو هو في عالم الفناء؟ هذا ايضاً سؤال بحث فيه العلماء وقد انتهوا إلى نتائج مذهلة في هذا الصدد ، فلا شيء يضيع ( وكل شيء عنده بمقدار ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) سورة الرعد ، ونروي في هذا الصدد هذه الحادثة : جرّبت طريقة التنويم المغناطيسي على بنّاء ماهر يشتغل في بناء الابنية ذات الهدسة الفنية الرفيعة ، ثم طرح عليه سؤال عن طوبة موجودة في جدار ما ، من بناء ما ، كان قد بناها في زمن ما ، فكان جوابه أن هذه الطوبة كانت قد جرقت في الأتون أكثر من اللازم ، وأنها تحوي في الزاوية السفلى منها حصاة أرجوانية وأنها تحوي في الزاوية اليمنى العليا نتوءّ يشابه الانخفاض الموجودة في الجدار ، هذا مع العلم بأنه كان قد بنى [٢٠٠٠] ألفي طوبة في ذلك اليوم ، ومنذ عشر سنوات ، وعندما يصل الإنسان إلى هذا الحد من التفكير تعتريه قشعريرة ، ويشعر بالبرودة تتمشى في مفاصله ، ويشعر أن كل شيء يقوم به أو يراه أو يسمعه هو موجودة في سجل لا يضيع ( وإنّ عليكم لحافظين. كراماً