حد لان الرقي الذهني إنما يأتي من الجهد المبذول ، واستعمال هذا الجهاز الجبار الذي لا يعرف الكلل أو الملل ، إن الدماغ لا يعرف التعب جتى لو عمل ما يزيد على عشر ساعات متواصلة ، وإنما الذي يتعب هو البدن بالقعود بكيفية معينة!! ولذا فان العباقرة والفلاسفة وعظماء المفكرين إنما تكونت مواهبهم من استغلال هذه القدرات الدفينة ، وهذه الطاقات الكامنة.
ذكرنا فيما مضى ان كل خلية عصبية تتصل بما يقرب من خمسين خلية عصبية أخرى وأحياناً يصل هذا الأمر إلى ألف (١٠٠٠) خلية عصبية ومن هنا ندرك قيمة الممرات حيث تتشكل شبكة كثيفة مخيفة من الاتصالات وقد تصاب بالدوار فيما إذا بدأت تتصور عدد المرات التي يمكن أن تتشكل بعد هذه الاتصالات الكثيرة ، ان تعلم الكلمات والافكار والمهارات إنما يعني تشكل ممرات جديدة ، وسرعة إعادة ما تعلم إنما يعني أن الطريق معبد لمرور النبضات الكهربية عبر هذه الممرات العديدة ، والدهاليز المخيفة ، والتعرجات العجيبة. ولذا فإننا نقرر حقيقة أساسية عرضها القرآن أيضاً بشكل منير وهي إن في مقدور الانسان أن يصل إلى درجة هائلة من الرقي ، ولكن هذا إنما يتم ببذل الجهد ـ وإيجاد ممرات عصبية جديدة ، ومن مزيج ذكريات الانسان تحصل تفاعلات معقدة جداً ومن العقل الواعي المتدبر تستنبط علاقات جديدة ، وافكار باهرة ـ ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمن المحسنين ) سورة العنكبوت.
ـ ٧ ـ
إن ما مر معنا عن أبحاث الذاكرة ليس إلا معلومات سطحية لم توصلنا إلى أعماق القضية ، وينطبق هذا الشيء على فهم كيف يعمل