على مائتي عضلة تتحكم في اتزان وضعك هذا ، ولولا هذا الاتزان لسقطت منبطحاً على الأرض ، فمن يوازن كل هذه الاشياء؟ إن الحس العميق هو الذي ينقل الاخبار إلى المراكز العليا ثم يشتسرك المخيخ مع الحس العميق مع دهليز الاذن في تحقيق التوازن والقضاء على الفوضى وعدم الاتزان.
ومن خلال دراسة هذه الحواس العظيمة في الإنسان وفي الكائنات الأخرى استطاع العلماء ابتكار أشياء جديدة ، مقلدين بذلك هذا الوجود وكيف تسير نواميسه ، ومن هذه الأشياء نذكر شيئين : الأول ما يتطق بالمستقبلات الحرارية ، والثاني بما فوق الأصوات ، فلقد مر معنا أن الانسان يسمع الأصوات التي تتراوح ذبذباتها ما بين (١٦) هزة إلى (٢٠) ألف هزة في الثانية الواحدة ، وإذا تجاوز الرقم الأخير عجز الإنسان عن السماع ، وتسمى بما فوق الأصوات وهي تتعلق بحدة الصوت ، فلقد وجد أن هناك حيوانات لها من قوة إرهاف السمع ما يفوق الإنسان مثل القطة التي تسمع الأصوات التي يبلغ تواترها (٥٠) ألف هزة في الثانية ، والفار يسمع الأصوات التي يبلغ تواترها (٤٠) ألف ، والشمبانزي (٣٣) ألف ، وأما الخفاش فهو أعجب الحيوانات في هذا المجال حيث يسمع (١٢٠) ألف هزة في الثانية الواحدة ، ومن جملة أسرار الوجود العجيبة ، هذا الكائن الذي قلده العلماء في اكتشاف جهاز الرادار ، فهو حيوان ليلي يعيش في الكهوف وينشط في عمله اثناء الظلام فلا قيمة للرؤية في هذا الوسط ، ولذا فهو يبعث صرخات ما فوق الصوت ثم تنعكس إليه ثانية فيسمعها بأذنيه الكبيرتين ، وهكذا يقدر بدقة بعد الأشياء والفرائس عنه مع تحديد اتجاهها بشكل رائع ، وكل هذا بفضل قدرته على سماع التواترات العالية ، ومبدأ الرادار في اكتشاف الطائرات من الناحية المبدئية يعتمد على نفس الفكرة.