يلون الجلد بما يناسب حرارة المحيط ، ومقدار نوره ، وهكذا نرى الجلد الأبيض والأسمر والحنطي والأسود ، وإذا بالعروق الدموية تتوسع وتتقبض بما يناسب حاجة البدن ، وإذا بعضلة الرحم تتقلص وبشكل منتظم وفي وقت معين حتى تخرج الجنين إلى درب الحياة ، وإذا بالكلية تمتص المفرزات وتنظم السوائل وتعدل المعادن وتفرز النشادر ، وتطلق الهيدرجين ، فكيف تمكنت هذه الملكة العظيمة أن تتحدث بكل لهجات ولغات شعبها المطيع!! لا حرج في ذلك فهذا دأب الحكام المخلصين الذين يريدون أن يتفهموا مشاكل شعوبهم حتى يحلوها فالأمير خادم لقومه ( إنّا كل شيء خلقناه بقدر ).
إن أول الغدد التي نبحثها في الجسم هي الغدة النخامية ، وهي تفرز عشرة هورمونات كما ذكرنا ، فما هي هذه الهورمونات وأين تؤثر؟
إن ستة من هذه الهورمونات تفرز من الفص الامامي للغدة النخامية ، وهي كما نرى تؤثر على أعضاء أخرى ، فمثلاً هورمون أو حاثّ الغدة الدرقية يؤثر على غدة الدرق ، بينما غدة الدرق هذه تؤثر على الدم والجسم بمجموعه العام ، وهذا واحد ، والشيء المهم هو الاتزان البديع الرائع في إفراز الهورمونات ، فالشيء الاول أن الإفراز متقطع غير مستمر ، بمعنى أن إفراز هذه الهورمونات يمشي بشكل موجات كأمواج البحر في أخلاط الجسم الزاخرة ، وكأن جسم الإنسان هو خلاصة مكثفة لهذا الموجود ففيه أمواد البحر ويابسة البر وقمم الجبال!!!
والشيء الثاني هو التضاد ما بين الغدة النخامية وبقية الغدد التي تؤثر عليها ، وكأنه هذه الهورمونات أثقال متوازنة في كفتي ميزان يزن أدق العيارات؟ كيف لا والهورمونات تؤثر بمقادير زهيدة جداً تبلغ واحداً من مليون!! وكيف يقع هذا التثبيط والاتزان الرائع؟