وهناك عامل فذ آخر من آليات الجسم الرائعة ، وهي عملية تكوين الخميرة الهاضمة ، فهي ترسل من الغدد ، وكأنها المسدس الذي ضغط فيه زر الأمان ، ولذا فإنها تكون بحالة عطالة وهي ما تعرف بطليعة الخميرة فاذا وصلت إلى وسط المعدة الحامضي انقلبت إلى شكل فعال يفتك باللحم والشحم ويغير ويحول وكأنها المارد الذي انطلق من القمقم ، إن الحمض يلمس هذه الخميرة لمسة صغيرة فتقلب إلى خميرة فعالة مؤثرة ..
ـ ٤ ـ
استطاع العلماء في عام (١٩٣٠) أن يكتشفوا عاملاً مهماً يتكون في جدار المعدة الداخلي وسمي بالعامل الداخلي لكاسل ، فقد لوحظ أن المصابين بقرحة المعدة إذا استؤصل قسم كبير منها وخاصة القاع ارتاحوا من الأعراض الهضمية المزعجة السابقة ، ولكن لونهم يبدأ بالاصفرار ، وأجسامهم تصاب بالوهن ، ويعتريهم الكلال بشكل عام. فما هو السبب يا ترى؟
لقد وجد أن مصنع الدم هو نخاع العظام حيث يكون الكريات الحمر وغيرها ، وهو يستورد المواد الخام من الجسم ، ومن جملة المواد الخام الحديد والفيتامين B١٢ ب١٢ فاذا اختل وصول المادة الخام بعارض ما وقف المصنع عن الإنتاج بقدر ما يلزمه ، وحدث ما يعرف بفقر أو فاقة الدم ، وهذه المادة الخام التي نحن بصددها الآن هي الفيتامين ( ب١٢ ) ( B١٢ ) ، فهذه المادة إذا جاءت إلى وزارة التموين قامت بإنضاجها وتهيئتها على الوجه الأكمل لكي ترسل إلى مصنع الكريات الحمر ، وعملية الإنضاج تتم بواسطة عامل كاسل الداخلي الذي تكلمنا عنه ، فإذا فقد هذا العنصر كما في قطع المعدة ، أو ضمورها وعدم قدرتها على الإفراز بسب ما ، اختل نضج الفيتامين ب١٢ ولم يتكون على الوجه السوي ،