(فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) :
العاصفات جمع ومفردها عاصفة ، وعاصفة لا تدل على أنها الرياح ، بل أن الرياح إذا كانت شديدة عصفت معها الرمال وأوراق الشجر وغيرها مما قل جملة فتكون وقتئذ ريح عاصف لقول الله عزوجل :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ (٢٢)) سورة يونس
وهو أن الريح يعصف برزاز المياه يعصف بالفلك نفسها فى البحر وأن عاصفة رملية تفيد أن المعصوف هو الرمال ، إذن كلمة عاصفة تفيد الاداة التى يعصف بها الاشياء فالريح هى العاصف للرمال ، ولم يعهد الإنسان طول حياته بشيء يعصف الاشياء فى السماء الا الرياح ، ولكن منذ أكثر من ثمانين سنة ظهرت عاصفات غير الرياح ، وهذه العاصفات لا تعصف شىء سوى نفسها وهى الطائرات سواء المدنية أو الحربية فهى تعصف نفسها فى السماء بواسطة محركاتها ، فينطبق قول الله عزوجل (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً)(١) على الطائرات المدنية ، وعصفا تفيد شدة عصفها واستمرارها فى العصف ، والفاء حرف عطف يفيد الترتيب والتعقيب ، اى ظهور الطائرات المدينة كان بعد المواصلات الحديثة التى تدب على الارض ، والعاصفات عصفا هى مرسلات عرفا ولكن مجالها فى السماء.
__________________
(١) وذلك كقول الله عزوجل (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) : أي النازعات نفسها هي التي تكون غرقا.